حبه للكسب والعمل:
كان ـ رحمه الله تعالى ـ لا يحجم عن الاشتغال بأنواع العلوم والفنون، سواء كان العلم من العلوم القديمة أو كان من العلوم الحديثة, وكان يقول: أحب أن يكون لي إلمام بكل علم، لأنني أخشى إذا تصديت للإفادة والتدريس أن يطلب مني إقراء علم فأقول هذا مما لا أعرفه، ولذا كان كثير التعرض والمطالعة في كتب الطبيعيات والفلسفة الجديدة الغربية, وكان إذا أشكل عليه فهم شيء من مقاصدها سأل عنه أحد متفوقي الطلبة المتخرجين من المكاتب العالية.
وكان أيضاً يحب العمل اليدوي والمهنة، فقد تردد في سن الصغر على الشيخ عبدو الساعاتي في غرفة جامع العدلية، حيث كان هذا الشيخ مشهوراً ومحترفاً صنعة تصليح الساعات، ولازمه مدة بضعة أشهر، أتقن فيها المهنة، واطلع على أسرارها، ومهر فيها، وكان ـ رحمه الله ـ لا يترك فرصة تسنح له بالاطلاع على بعض المهن أو الصنعات إلا ويستفيد منها ويستغلها، وكثيراً ما كان يبرع فيها في مدة وجيزة، وما ذلك إلا إرضاء لرغبة جامحة، وإشباعاً لميل قوي في نفسه، نحو حب الاستطلاع والتعلم الذي انغرس في نفسه، ونما مع عواطفه ومشاعره.