لقد صورت في هذه المسائل التي طرحتها أو اخترتها هموم شريحة غير قليلة من شبابنا وشاباتنا، من مشاكل حيَّة تعيشها الساحة العربية اليوم، ويعاني منها العديد من الشباب والأسر، وربما تسبب بعضها في تمزيق أسر، أو زرع التحاقد والتباغض في نفوس أزواج وزوجات، أو إخوة وأخوات، وربما آباء وأمهات أيضا، مما لا يرضى به إنسان، ووضعت لها عنوانا يبين موضوعها، وكانت الحلول المقترحة حلولا متأنية عميقة تفند المشكلة وتتعرف على جذورها وأصولها ومنابعها، لترسم على ضوء نصوص القرآن والسنة الحلول الجذرية لها التي تسعى نحو اجتثاثها من أصولها، دون الوقوف عند تغطيتها بقشه لا تلبث أن تزول فتظهر المشكلة من جديد . . .
سوف نبحث في هذا الكتاب في الطلاق وأحكامه، ثم نعقب عليه بالفسخ والإبطال والمتاركة، ونبين الفارق بين هذه المصطلحات المتعددة، من حيث الشروط والآثار.
وسوف نستوفي إن شاء الله تعالى مذاهب الفقهاء المعتبرين في كل حكم من الأحكام التي سوف نبحث فيها، ونذكر إلى جانب ذلك ما أخذت به بعض القوانين العربية للأحوال الشخصية، وبخاصة القوانين السورية والكويتية . . .
إن الزواج شركة بين الزوجين، وهذه الشركة ترتب حقوقا وواجبات على كل من الزوجين قبل الآخر، وهذه الحقوق والواجبات بعضها مالي، وبعضها غير مالي، ولا بد من بيانها حتى يعرف كل من الزوجين ماله وما عليه، فلا يشتط في الطلب، ولا يقصر في العطاء.
وفي هذا الكتاب بيان شاف لجميع هذه الشروط والأركان والأحكام، مع بيان كاف للحقوق والواجبات التي يرتبها عقد الزوج لكل من الزوجين وباقي أفراد الأسرة، حاولت فيه أن أستجمع أكثر المذاهب الفقهية في كل جزئية من جزئياته، مع الدليل والترجيح بين الأقوال، على أسس عليمة أصولية، قدر الإمكان، مع بيان مآخذ كثير من القوانين العربية للأحوال الشخصية من هذه الأحكام، وبخاصة القانون السوري، والقانون المصري، والقانون الأردني، والقانون الكويتي.
وقد اقتضاني ذلك الخضم المتلاطم من البحوث والأفكار والمبادئ والأنظمة والتشريعات المختلفة إلى تجلية نظام الإسلام في المرأة، ونظرته إليها، وتنظيمه لحقوقها وواجباتها، بياناً للواقع وإظهاراً للحق بأجلى أسلوب، وبأوضح بيان وبأقصر طريق، على وجه ينتفع به عامة نساء المسلمين فيعرف كل منهن ما له من الحقوق فلا يتعداها إلى ما ليس له، ولا يقصر في طلبها والوصول إليها. وأقصد بعامة النساء، أولئك النساء من العوام اللواتي لم يفزن بقسط جيد من الثقافة، وكذلك النساء المثقفات اللواتي حصلن على قدر جيد من الثقافة العامة غير الشرعية، فهؤلاء جميعاً بحاجة ماسة فيما أظن إلى ما جاء في هذا الكتاب، أما النساء المثقفات ثقافة إسلامية جيدة فهن في غنى عن كتابي هذا في الغالب لقدرتهن على الاطلاع على أمهات الكتب الإسلامية والموسوعات الفقهية المتخصصة التي هي المعين الثر الذي لا ينضب للأحكام الإسلامية.
علم التركات والمواريث من أجل علوم الشريعة وأدقها، ويتميز عن سائر العلوم الشرعية الأخرى لصلته بعلم الحساب، فلا يمكن حل المسائل الإرثية إلا بمعرفة كثير من أصول الحساب وطرقه، وقد أطلق عليه الصحابة رضي الله عنهم والفقهاء من بعدهم علم الفرائض، لأن الفرائض أهم أحكامه وأساسها، كما سوف يأتي.
وسوف أعتمد في كتابي هذا بإذن الله تعالى في حل مسائل الإرث على الطرق الحسابية التي أبدعها فقهاء السلف، لسهولتها ودقتها وشمولها لجميع مسائل الإرث، وسهولة تعلمها من قبل طلاب العلم، سواء فيهم المتقنون لعلوم الحساب أو المبتدئون فيها.
ومن الكتب المتخصصة في الفرائض المتن الذي نحن بصدد تحقيقه وإخراجه إلى النور، بعد أن مضى عليه زمان في خزائن المخطوطات، وهو كتاب ( الكفاية في الفرائض) للعلامة المحقق القاضي جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن محمد المرداوي السعدي المقدسي الحنبلي ثم الصالحي، وقد ألفه رحمه الله تعالى على وفق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وقد رأيت من المفيد تحقيقه ونشره لما فيه من الفوائد وتسهيل هذا العلم وتيسيره، إلا أنني رأيت - زيادة في الفائدة - إضافة بعض الشروح عليه، مبينا فيها مذاهب الفقهاء الثلاثة: الحنفية والمالكية والشافعية، في أهم النقاط والأحكام التي تعرض لها هذا المتن الجامع لعامة أحكام الفرائض، مع عزو كل ماأضفته إلى الكتب المعتمدة في المذهب الذي ذكرته.
إن موضوع المقادير الشرعية من الموضوعات الهامة التي تتعلق بها أحكام شرعية كثيرة، وهي في عامتها تتعلق بالأعراف والعادات والبيئات التي يعيش فيها المسلمون في شتى أصقاع الأرض، وعلى مختلف العصور، وهي متغيرة عبر الزمان والمكان اسماً ومقداراً، وبالنظر لتعلق الكثير من الأحكام الشرعية بها في العبادات والمعاملات وغيرها، كان حرياً بالفقهاء أن يعيدوا النظر فيها بين الفينة والفينة، ليبينوا مقدارها واسمها بالمقادير المعروفة لدى كل بلد، ليسهل على عامة المسلمين تطبيق الأحكام الشرعية المتعلقة بها، ولذا فانني سأبين في هذا البحث المقادير الشرعية، موضحاً مقدار كل منها بالمعايير المعاصرة، الأوزان بالغرام، والمكاييل باللتر، وبالنظر لكثرة المكاييل الشرعية وتشعبها فسوف أكتفي في هذا البحث ببيان المكاييل والموازين، تاركاً البحث في المسافات إلى بحث لاحق إن شاء الله تعالى .
إن موضوع دعوى الحسبة في الشريعة الإسلامية هام جدا وخطير، ويتركز الاهتمام فيه في نواح ثلاث:
أولاً: إنه موضوع بكر في مجموعه، فإن أحدا من الفقهاء لم يكتب فيه حتى الآن –فيما أعلم-.
ثانياً: إن الكثيرين يجهلون دعوى الحسبة، ويخطئ في فهم معناها كثير أيضا.
ثالثاً: إن بعض من لا علم له بالفقه وتاريخه يظن أن نظام الحسبة من أساسه نظام قديم معروف لدى الأمم السابقة على الإسلام، ولم يفعل المسلمون شيئا فيه سوى أنهم أخذوه وطوروه طبق مقتضيات مجتمعهم....
فقد رأيت أن أجعل أحاديثي في هذا الشهر الكريم في تفصيل أحكام الزكاة، وبيان شروط وجوبها، وشروط أدائها، والأموالِ التي تجب الزكاة فيها، ومقدارِ أنصبتها، ومصارفِها، وطرقِ حسابها، وما يتبع ذلك من أحكامٍ، مع بيان اتفاق الفقهاء واختلافهم في ذلك قدر الإمكان، وذلك تيسيرا على المسلمين في حسن أدائهم لزكاة أموالهم، تبرئة لذمتهم، وتوفيرا للأجر والمثوبة لهم من الله تعالى .
كثير من الحجاج يخطئ ويعود من حجه كما ذهب، ولا يستطيع في الوقت نفسه استيعاب أحكام الحج كلها، كما قد لا يغنيه سؤال العلماء في الحج عن أحكام الحج؛ لأنه عند سؤالهم يجد إجابات مختلفة بينهم، وذلك بالنظر لاختلاف المذاهب في ذلك اختلافاً بيناً أحياناً، أو نظراً لعدم استيعاب بعضهم أحكام الحج بشكل جيد، وهي -كما ذكرت- كثيرة، ويصعب على كل الناس استيعابها والتعرف عليها.
ولهذا رأيت أن أقدم للحجاج غير العلماء هذا الموجز؛ ليكون رفيق الحاج في حجه، فيمشي عليه خطوة خطوة، فإذا لم يخطئه صح حجه بإذن الله تعالى.
بعدما حققت كتاب: (أنوار الحجج في أسرار الحجج) للإمام العلامة علي بن سلطان، المشهور بمنلا علي القاري، وقدمت له بمقدمة فيها موجز أحكام الحج والعمرة على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، وقام بنشره صديق مؤمن هو صاحب دار البشائر، وأفاد منه كثير من الناس، ونفدت طبعته المنشورة، رأيت أن أعيد طبعه ثانية على وجه معدل، مع توسع مناسب في أحكام الحج التي قدمت بها للكتاب المذكور، لتكون أكثر غناء من سابقتها لكل حاج يود أن يكون حجه على وفق مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
قد ضم كتابي هذا مجموعة بحوث من بحوث هذا العلم، وهي:
1 - مقدمة عن تعريف علم أصول الفقه، ونشأته، وطرقه، وأسباب اختلاف الفقهاء.
2 - المصادر التشريعية الأصلية والتبعية.
3 - ومباحث الحكم الشرعي.
وهي من أهم بحوث هذا العلم، وأرجو من الله تعالى العلي القدير أن يوفقني في مستقبل الأيام للكتابة في باقي بحوث هذا العلم.
قد رغب إلي عدد من الإخوة الأساتذة، والعديد من الطلاب والأصحاب الذين جمعني العلم معهم في الجامعات وغيرها من دور العلم الشرعي، أن أعرفهم بحياة جدي ووالدي رحمهما الله تعالى، وما تركاه من آثار عليمة في مدينة حلب الشهباء، فتذكرت رسالتي الأولى التي أعددتها في عام 1963م للحصول على درجة الليسانس في الشريعة، ولم يتم انتشارها إلا على مستوى الجامعة فقط، فرأيت أن أعود إليها، وأعيد طباعتها، بعد إدخال بعض الإضافات عليها، من المعلومات التي حصلت عليها في حياتي العلمية، عن والدي وجدي، مع العناية أيضا بحياة فضيلة الشيخ بشير الغزي شيخ جدي رحمه الله تعالى.