تخصصه:
لم يكن ـ رحمه الله تعالى ـ ليقصر جهوده العلمية على تخصصه الأصلي: الأصول والفقه والنحو، بل كان يحب الاطلاع والتعمق في مختلف العلوم والفنون, فقد درَس المنطق والبلاغة وعلم الكلام والفلك، على عدد كبير من أساتذته المختصين في هذه الفنون، وتعمق فيها، ووقف على خباياها، وأتقن دقائقها، وعرف مراميها، واشتغل فيها كثيراً، مناظرة وتدريساً وبحثاً, وكان يقول دائماً: أود أن لا أتهم بالجهل في فن من الفنون الشائعة في عصري, ولكنه مع ذلك، فقد كان يؤثر الفقه والأصول والنحو، ويضعها في الدرجة الأولى من اهتماماته، حتى إنه قد عُرف بها، واحتل مكان الصدارة في تدريسها في كثير من مدارس الشهباء, فقد كان يُدرِّس الفقه في المدرسة الإسماعيلية, والفقه والنحو في المدرسة الرضائية (العثمانية) التي تعتبر أعلى معهد شرعي في حلب يومها، وأن طلابها اليوم هم طليعة علماء حلب بحق، منهم على سبيل المثال: الشيخ عبد الله حماد, والشيخ ناجي أبو صالح, والشيخ عبد القادر الكوراني، ووالدي الشيخ محمد المهدي الكردي، كما كان يدرس الأصول والفقه والنحو وعلم الكلام في المدرسة الخسروية (الثانوية الشرعية اليوم) التي كانت ولا تزال تعتبر في طليعة المدارس الشرعية في حلب، وقد كان لها على الشهباء اليد الطولى, فقد خرَّجت الفحول من الطلاب، ومكنتهم من احتلال المناصب المرموقة في الدولة، بما غرسته فيهم من علم غزير، وإخلاص وتقوى، منهم: الدكتور معروف الدواليبي رئيس قسم الحقوق الرومانية في جامعة دمشق، ورئيس وزراء سورية مدة من الزمن، والأستاذ مصطفى الزرقاء، رئيس قسم القانون المدني في الجامعة، ووزير الأوقاف والعدل في سورية مدة من الزمن، والدكتور محمد فوزي فيض الله، أستاذ الفقه والأصول في كلية الشريعة من جامعة دمشق, والأستاذ عبد الفتاح أبو غدة مدرس التربية الإسلامية في ثانويات حلب, والأستاذ عمر مكناس أمين فتوى حلب, والأستاذ محمد بلنكو مفتي حلب وغيرهم.
كان ـ رحمه الله تعالى ـ يعقد الحلقات الخاصة، ويلقي فيها مختلف العلوم والفنون، فيحضرها فحول الطلاب والمتقدمون منهم بغية الفائدة، وما كنت تراه يأبى الإجابة على سؤال ما يطرح عليه، بل يقبل كل سؤال، ويفنده، ويجيب عليه إجابة مدعومة بالأدلة والبراهين والحجج الدامغة.