شعره وقريضه:
لقد كان ـ رحمه الله تعالى ـ إلى جانب علمه في الفقه والحديث والتفسير, واطلاعه الواسع على علوم الآلات، وتبحره باللغة وآدابها وعلومها, يحسن القريض، فيرتجل عدة أبيات في مجلسه، يوحيها إليه المقام، ويمليها عليه سير الحديث, فتأتي منطبقة على الواقع, معبرة عن مجرى الحديث, موافقة لمقتضى الحال, رصينة في تركيبها, عميقة في معانيها, رنانة في موسيقاها، من ذلك أنه حضر مرة مع إخوانه جلسة في بيت أحد أصدقائه عندما كان اختراع الحاكي (السماعة) قريب عهد، ولما تنتشر بعد في كثير من البيوت, فأحضر صاحب البيت سماعة وأسمعهم منها أنشودة عذبة مسجلة فيها, فطرب الحاضرون جميعاً، وتفتقت قريحة الشيخ الشعرية فأنشد يقول في وصفها والتحدث عنها بلسانها:
ألا اسمع أيها الإنسان نصحي |
ونبه ناظريك مـن الرقـاد |
بحسن السعي يدرك كل خير |
ويبلغ من سعى أقصى المراد |
ومن يقنع من الدنيا بنوم |
وأكل فهو من أغنى العبـاد |
ألا اسمع أيها الإنسان نـطقي |
وما أنا غير شيء من جماد |
أمثل كل قول حين يلقى |
على سمعي ويحفظه فـؤادي |
وأنقل قول أهل الشرق طرا ً |
لأهل الغرب من أقصى البلاد |
وأنقل قولهم حرفاً بحرف |
بلا نقص يكون ولا ازديـاد |
ويشكر صنع مخترعي لساني |
ويذكره إلـى يوم الـتـنـاد |
هذا ولم أعثر رغم البحث الكثير على ديوان له يضم ما نظمه في حياته من درر القصائد والأبيات، وإن كنت على مثل اليقين من أن له ديواناً ضخماً يضم أنفس القصائد, وأروع الحكم وأطرف الأخبار, ولعلي في القريب من الزمن أقع عليه وأقدمه للمكتبة العربية والإسلامية ذخيرة وكنزاً عظيماً.