صفاته الخَلقية والخُلقية:
كان -رحمه الله تعالى- متوسط القامة، حنطي اللون، أسود الشعر، كوسج اللحية، اجتماعيا بفطرته، يحب الضيوف والاجتماع بالأصدقاء، وكان مرحا، يحب النكتة ويحسن إيرادها، ويحب الخروج إلى البساتين والربا ومضارب الأعراب، وكان يصحب أصحابه وطلابه أسبوعيا إلى مثل هذه النزهات طيلة حياته، وكان شديد الذكاء، حاد الذهن، حاضر البديهة، يحسن الحساب الذهني، لطيف الحديث، لا يجابه إنسانا بما يكره، وكان ودودا جدا لأصدقائه، يحفظ غيبتهم، ويدافع عنهم، ولا يرضى أن يذكر إنسان أمامه بما لا يسره، وكان - رحمه الله تعالى - في لباسه متوسطا، فلا هو بالمغرق في التزين، ولا بالمتساهل فيه، وكان سريع المشية، ذا همة عالية، لا يألوا جهدا في مساعدة من يندبه لمهمة مهما شقت، وقد شهدت بنفسي له موقفا يندر أن يقع لمثله، فقد زاره أحد أصدقائه مرة، وطلب منه قرضا، فأجابه بالموافقة، وواعده دفع المبلغ له في الغد، ولم يكن لديه هذا المبلغ في ذلك اليوم، فاقترض المبلغ من صديق آخر له، ودفعه لصديقه، دون أن يخبره بذلك، ولما كلمته في الأمر متسائلا عن ذلك، قال لي: يا بني: لم أعتد رد من قصدني في مساعدة.
وقد كان يحب السمر في الليل إلى قرب منتصفه، وكان يسمر يوميا تقريبا مع مجموعة له من التجار وطلاب العلم في دار أولاد الشيخ وحيد حمزة في حي حمزه بك في حلب، وربما اصطحبني معه في بعض هذه الجلسات عندما كنت صغيرا، وكانت جلساتهم تملأ بالشعر والدروس الدينية وبعض المدارسات والمذاكرات في بعض أمور التجارة.