حكم الطلاق:
اتفق الفقهاء على أصل مشروعية الطلاق، واستدلوا على ذلك بأدلة، منها:
أ - قوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (البقرة:229).
ب - قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) (الطلاق:1).
ج - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق) رواه أبو داود وغيره.
د - حديث عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلَّق حفصة ثم راجعه) رواه أبو داود وغيره.
هـ- حديث ابن عمر: (أنه طلق زوجته في حيضها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بارتجاعها ثم طلاقها بعد طهرها إن شاء) متفق عليه.
و- إجماع المسلمين من زمن النبي صلى الله عليه وسلم على مشروعيته، لكن الفقهاء اختلفوا في الحكم الأصلي للطلاق:
فذهب الجمهور إلى أن الأصل في الطلاق الإباحة، وقد يخرج عنها في أحوال.
وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الحظر، ويخرج عن الحظر في أحوال.
والقولان موجودان في المذهب الحنفي، قال الحصكفي: "وإيقاعه مباح عند العامة، لإطلاق الآيات، وقيل قائله الكمال، والأصح حظره، أي منعه إلا لحاجة، كريبة وكبر، والمذهب الأول، كما في البحر"، ثم فسر الحصكفي ذلك بقوله: "وقولهم الأصل فيه الحظر معناه أن الشرع ترك هذا الأصل فأباحه" إلا أن ابن عابدين لا حظ على هذا التفسير ملحوظات قيمة، وعمل على رده بما نقله عن كبار أئمة السلف، وأكد أن الاتجاهين في حكم أصل الطلاق موجودان في المذهب[1].
وعلى كل فالفقهاء متفقون في النهاية على أنه تعتريه الأحكام الخمسة، فيكون مباحاً أو مندوباً أو واجباً، كما يكون مكروهاً أو حراماً، وذلك بحسب الظروف والأحوال التي ترافقه، بحسب ما يلي:
أ - فيكون واجباً كالمُولِي إذا أبى الفيئة إلى زوجته بعد التربص، على مذهب الجمهور، أما الحنفية: فإنهم يوقعون الفرقة بانتهاء المدة حكماً، وكطلاق الحَكَمين في الشقاق إذا تعذر عليهما التوفيق بين الزوجين ورأيا الطلاق، عند من يقول بالتفريق لذلك.
ب - ويكون مندوباً إليه إذا فرطت الزوجة في حقوق الله الواجبة عليها -مثل الصلاة ونحوها- وكذلك يندب الطلاق للزوج إذا طلبت زوجته ذلك للشقاق.
ج - ويكون مباحاً عند الحاجة إليه لدفع سوء خلق المرأة وسوء عشرتها، أو لأنه لا يحبها .
د - ويكون مكروهاً إذا لم يكن ثمة من داع إليه مما تقدم، وقيل: هو حرام في هذه الحال، لما فيه من الإضرار بالزوجة من غير داع إليه.
هـ- ويكون حراماً وهو الطلاق في الحيض، أو في طهر جامعها فيه، وهو الطلاق البدعي، وسوف يأتي بيانه.
قال الدردير: "واعلم أن الطلاق من حيث هو جائز، وقد تعتريه الأحكام الأربعة: من حرمة وكراهة، ووجوب وندب"[2].