التفريق لفوات الكفاءة:
ذهب جمهور الفقهاء إلى الاعتداد بالكفاءة في الزواج، وانفرد الكرخي والجصاص من الحنفية، والثوري وابن حزم، فقالوا بعدم الاعتداد بها في الزواج مطلقا.
إلا أن جمهور الفقهاء اختلفوا فيما بينهم في درجة الاعتداد بها على ثلاثة آراء، هي:
1 – أنها شرط صحة، وهو رواية من ثلاث روايات في مذهب أحمد.
2 – أنها شرط نفاذ، وهو أحد قولين للشافعي، ورواية ثانية في مذهب أحمد، ورواية الحسن بن زياد عند الحنفية، وهي المفتى به عندهم، وإن كانت مخالفة لظاهر الرواية.
3 – أنها شرط لزوم، وهو مذهب الحنفية في ظاهر الرواية عندهم، ومذهب مالك، ورواية ثالثة في مذهب الحنبلية، والقول الثاني لدى الشافعية.
كما اختلف الجمهور فيما بينهم في الصفات المعتبرة في الكفاءة، وليس هذا محل ذكر ذلك.
فوفقا للقول الأول يعد الزواح مع انعدام الكفاءة فاسدا، ويكون لكل من الزوجين والقاضي فسخه في أي وقت، رفعا للإثم، وتلبية لحق الشارع، وهو منتج لبعض الآثار بعد الدخول ما دام لم يفسخ.
ووفقا للقول الثاني يعد الزواج بدون الكفاءة موقوفا على إرادة من مست مصلحته.
وبحسب القول الثالث يعد ا لزواج بدون كفاءة غير لازم، ويكون لكل من مست مصلحته حق طلب التفريق بين الزوجين، فإذا لم يطلب التفريق عد الزواج نافذا مثمرا لأحكامه، فإذا طلب من القاضي التفريق أجيب إلى طلبه وفرق بين الزوجين، كل هذا ما لم يقم مانع من التفريق، وإلا لزم الزواج وسقط حقه في طلب التفريق.
موانع التفريق لانعدام الكفاءة:
الفقهاء الذين قالوا إن الكفاءة شرط صحة أو شرط نفاذ، لم يعتبروا الموانع، وأما الذين قالوا هي شرط لزوم، قالوا: إذا قام مانع من التفريق لزم العقد كما تقدم، وقد اختلفوا في هذه الموانع على ما يلي:
فذهب الحنفية إلى أن الزوجة إذا ولدت سقط حق أوليائها في التفريق لانعدام الكفاءة تقديما لحق الولد على حقهم، وذهب بعض الحنفية إلى إقامة ظهور الحمل مقام الولادة في ذلك[1].
كما يسقط حق الأولياء في التفريق هنا إذا مات أحد الزوجين، وذلك لانقضاء الزوجية بالوفاة.
وذهب المالكية إلى أن حق الاعتراض من الأولياء يسقط بالدخول بالزوجة مطلثقا، حملت أو لم تحمل، لأن حقهم ضعيف فيسقط لتمام التسليم، ويسقط بموت أحد الزوجين من باب أولى أيضا، لانقضاء الزوجية به[2].
نوع الفرقة لانعدام الكفاءة، وطريق وقوعها:
الفقهاء القائلون بفساد العقد لانعدام الكفاءة يوجبون التفريق بين الزوجين إذا حصل بينهما دخول، وهو هنا متاركة أو فسخ، فإن كان قبل الدخول فلا حاجة للتفريق أصلا، لانعدام الآثار بالكلية.
كذلك الفقهاء القائلون بتوقف العقد بدون كفاءة، فإنهم يمنعون ترتيب أي حكم عليه قبل الدخول، فإذا حصل دخول فالتفريق يكون بالمتاركة أو الفسخ كالعقد الفاسد.
أما الذين يرون الكفاءة شرط لزوم، فلا بد عندهم من تفريق القاضي إذا طلب صاحب الحق في الكفاءة ذلك، لأنه فصل مجتهد فيه.
وأما نوع الفرقة، فهي فسخ بالاتفاق وليست طلاقا.