من له حق الطلاق:
التفريق بين الزوجين بعامة حق لكل من الزوجين مجتمعين ومفترقين، ولولييهما أيضا، وللقاضي كذلك، لكل منهم في أحوال خاصة، بشروط خاصة، أما الطلاق الذي هو نوع من أنواع الفُرَق، فهو ملك الزوج وحده.
ذلك أن الرجل يملك مفارقة زوجته إذا وجد فيها ما يدعوه إلى ذلك بعبارته الخاصة وإرادته المنفردة، كنشوزها، كما تملك الزوجة إنهاء العلاقة الزوجية بإرادتها إذا وجد ما يبرر ذلك، كإعسار الزوج بالنفقة، وغيبة الزوج، وما إلى ذلك من أسباب، اختلف الفقهاء في بعضها واتفقوا في بعضها الآخر، ولكن ذلك لا يكون بعبارتها، وإنما يكون بقضاء القاضي، إلا أن يفوضها الزوج بالطلاق، فإنها في هذه الحال تملكه بقولها أيضا.
فإذا اتفق الزوجان على الفراق، جاز ذلك، وسمي مخالعة، وهو يتم بتراضيهما من غير حاجة إلى قضاء،
وكذلك القاضي، فإن له التفريق بين الزوجين إذا قام من الأسباب ما يدعوه لذلك، حمايةً لحق الله تعالى، كما في ردة أحد الزوجين المسلمين -والعياذ بالله تعالى- أو إسلام أحد الزوجين المجوسيين وامتناع الآخر عن الإسلام، وغير ذلك.
إلا أن ذلك كله لا يسمى طلاقاً، سوى الأول الذي يكون بإرادة الزوج الخاصة وعبارته.
والدليل على أن الطلاق هذا حق الزوج خاصةً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) رواه ابن ماجه.
ثم إن الرجل المطلق لا يسأل عن سبب الطلاق عند إقدامه عليه، وذلك لأسباب كثيرة منها:
أ - حفظ أسرار الأسرة.
ب - حفظ كرامة الزوجة وسمعتها.
ج - العجز عن إثبات الكثير من تلك الأسباب، لأن غالب أسباب الشقاق بين الزوجين تكون خفيةً يصعب إثباتها، فإذا كلفناه بذلك نكون قد كلفناه بما يعجز عنه أو يحرجه، وهو ممنوع في الشريعة الإسلامية، لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج: من الآية78).
د - ثم إن في إقدام الزوج على الطلاق وتحمله الأعباء المالية المترتبة عليه، من مهر مؤجل، ونفقة ومتعة -عند من يقول بوجوبها- وأجرة حضانة للأولاد، لقرينة كافية على قيام أسباب مشروعة تدعوه للطلاق.
هـ- ولكون الطلاق مباحاً أصلاً عند الجمهور كما تقدم، إباحةً مطلقةً عن أي شرط أو قيد.