التفريق للتحريم الطارئ بالرضاع أو المصاهرة[1]:
اتفق الفقهاء على أن للتحريم الدائم أسبابا ثلاثا: نسب ورضاع ومصاهرة.
فأما النسب، فلا يطرأ على العقد، لأنه يجب بالولادة، وإن كان ثبوته قد يتأخر عنها أحيانا.
وعلى هذا لو تزوج امرأة، ثم ظهر له أنها أخته، نسبا مثلا، فإننا نقول ببطلان العقد، من أساسه، لاختلال شرط الحل بينهما عند العقد، ولا يضر أن ثبوت ذلك كان متأخرا عن العقد.
أما الرضاع والمصاهرة، فإنهما يطرءان على العقد، كما يمكن أن يكونا مرافقين له وسابقين عليه.
فإن وجبا قبله كان باطلا، وهو خارج عن نطاق التفريق، وإن طرءا عليه فرق بينهما بسبب ذلك، كما لو زنا بأم زوجته، فإنه يفرق بينه وبين زوجته بذلك لحرمتها عليه لدى الجمهور، وكذلك لو أرضعت ضرتها الصغيرة فإنهما يحرمان لذلك على الزوج، لأن الكبيرة أم زوجته، والصغيرة ابنة زوجته، وكلاهما محرمتان عليه.
وهذا كله محل اتفاق الفقهاء، كما اتفقوا على أن الفرقة الثابتة بالتحريم فسخ وليست بطلاق، لأن التحريم يخرج العقد عن الصحة، فلا يكون التفريق بعده أو به طلاقا، لأن الطلاق من آثار العقد الصحيح خاصة، فيكون فسخا لذلك، إلا أن الفقهاء اختلفوا في وقت وقوع الفرقة، وطريقها بعد طرو حرمة المصاهرة أو الرضاغ بين الزوجين.
فذهب الحنفية والمالكية إلى أن طرو التحريم هذا يفسد النكاح ويوجب فسخه، ولهذا فإن على الزوجين بعد ثبوت التحريم بينهما بذلك أن يفسخا العقد، وعلى كل منهما أن يعمل على فسخه، رضي الآخر أو لم يرض، كما أن على القاضي فسخه حسبة إن علم به، فإذا وطئ الزوج زوجته بعد التحريم وقبل الفسخ عد ذلك كالوطء بعد النكاح الفاسد، فيثبت به النسب، ولا يجب به الحد...
وذهب الشافعية والحنبلية إلى أن العقد ينفسخ حكما بثوت التحريم الطارئ، فيصبح كل وطء بعده زنا، ولا يحتاج إلى فسخه من قبل الزوجين أو القاضي.