مرحلة
المرحلة في اللغة المسافة التي يقطعها المسافر في يوم، والجمع مراحل[1].
والمرحلة في اصطلاح الفقهاء لا تخرج عن معناها اللغوي، وقد حاول الفقهاء ضبطها بالمسافة والزمن.
قال ابن عابدين من الحنفية: "قال في النهاية أي التقدير بثلاث مراحل قريب من التقدير بثلاثة أيام، لأن المعتاد في السير في كل يوم مرحلة واحدة خصوصاً في أقصر أيام السنة كذا في المبسوط .اهـ. وكذا ما في الفتح من أنه قيل يقدر بأحد وعشرين فرسخاً، وقيل بثمانية عشر، وقيل بخمسة عشر، وكل من قدر منها اعتقد أنه مسيرة ثرثة ايام .اهـ.[2]"
ثم قال أيضاً: "ثم اقصر ايام السنة في مصر وما سواها في العرض سبع ساعات إلا ربعاً، فمجموع الثلاثة أيام عشرون ساعة وربع، ويختلف بحسب اختلاف البلدان في العرض [3]…"
وقال الدسوقي من المالكية: "مرحلتان أي سير يومين معتداتين، أو يوم وليلة بسير الابل المثقلة بالأحمال على المعتاد[4]"
وقال الشربيني الخطيب من الشافعية: "وهما –أي المرحلتان- سير يومين بلا ليلة معتدلتين، أو ليلتين بلا يوم معتدلتين، أو يوم وليلة كذلك بسير الأثقال أي الحيوانات المثقلة بالأحمال، ودبيب الأقدام على العادة المعتادة من النزول والاستراحة والأكل والصلاة ونحوها[5]".
ما يناط بها من الأحكام الشرعية:
أناط الفقهاء بالمراحل السفر المثبت للرخص، كالقصر في الصلاة، وجمع الصلوات …
وقد ذهب الجمهور إلى أن السفر المثبت للرخص ما كان قدر مرحلتين وقدروه بستة عشر فرسخاً، أو أربعة برد، أو ثمانية وأربعين ميلاً.
قال الدردير: "وهي –أي مسافة السفر- باعتبار الزمان مرحلتان أي سير يومين معتدلين … وقال الدسوقي: "فالعبرة بالأربعة برد …[6]"
وقال النووي: "وطويل السفر ثمانية واربعون ميلاً هاشمية، قلت: وهو مرحلتان بسير الأثقال[7]"
وقال المقدسي: "يبلغ سفره ذهاباَ ستة وعشرون فرسخاً تقريباً … وهي يومان [8]…"
أما الحنفية فقد نصوا على أن مسافة السفر المثبت للرخص هي ثلاث مراحل، قال ابن عابدين: "التقدير بثلاث مراحل قريب من التقدير بثلاثة أيام … [9]"، ولا عبرة عند الحنفية للمسافة، بل العبرة للزمن فقط على المذهب، قال الحصكفي: "ولا اعتبار بالفراسخ على المذهب[10]"
من ذلك يتبين أن بين الجمهور وبين الحنفية اختلافا في طول المرحلة من حيث الزمان ومن حيث المسافة، وذلك رغم اتفاقهم على أن المرحلة هي مسافة يوم، فالمرحلة من حيث المسافة عند الجمهور تساوي أربعة وعشرين ميلاً هاشمياً، أو بريدين، أو ثمانية فراسخ، وكلها متساوية[11].
وعند الحنفية المرحلة ستة فراسخ، وقيل خمسة فراسخ، وقيل سبعةفراسخ، والفتوى على الأول[12].
أما من حيث الزمان، فالمرحلة عند الجمهور مسيرة يوم كامل معتدل، وليلة كاملة معتدلة بسير الحيوانات المثقلة بالأحمال، واليوم من طلوع الشمس إلى غيابها ، ويغتفر وقت النزول المعتاد للراحة أو اصطلاح المتاع أو الصلاة … [13].
أما الحنفية فالمرحلة عندهم هي مسيرة يوم من أقصر أيام السنة، ولا يشترط سفر كل اليوم إلى الليل، بل من طلوع الفجر الصادق إلى الزوال فقط، وقد قدروا ذلك في مصر بسبع ساعات إلا ربعاً، وفي الشام بست ساعات وثلثي الساعة[14].
مقدارها بالمقاييس الحديثة:
تختلف المرحلة في المقاييس المعاصرة بحسب اختلافها لدى الفقهاء، وعلى ذلك اختلف المعاصرون في تقديرها على ما يلي:
فذهب نجم الدين الكردي إلى تقدير مسافة القصر بـ/80640م/متراً، فتكون المرحلة على مذهب الجمهور /40320م/متراً، وعلى مذهب الحنفية /26880م/متراً[15]. وقدر صاحب معجم لغة الفقهاء المرحلة بـ/44352م/متراً[16]، وقدر الدكتور الخاروف مسافة القصر الشرعية بـ/88704م/متراً فتكون المرحلة عنده بناء على مذهب الجمهور/44352م/متراً، وعلى مذهب الحنفية/29568م/متراً[17].
[1] - المصباح المنير، والقاموس المحيط
[2] - ابن عابدين 1/526-527
[3] - ابن عابدين 1/527
[4] الدسوفي 1/359
[5] - مغني المحتاج 1/266
[6] - الشرح الكبير والدسوقي عليه 1/359
[7] مغني المحتاج على المنهاج 1/266
[8] - كشاف القناع على الاقناع 1/504
[9] - ابن عابدين 1/526
[10] - ابن عابدين 1/527
[11] - الدسوقي 1/359، ومغني المحتاج 2/266، زكشاف القناع 1/504
[12] -ابن عابدين 1/526
[13] - الدسوقي 1/359، ومغني المحتاج1/266، وكشاف القناع 1/504
[14] - ابن عابدين 1/527
[15] - المقادير الشرعية ص301
[16] - معجم لغة الفقهاء ص451
[17] - الإيضاح ص89