تعريف دعوى الحسبة والفارق بينها وبين مراتب الحسبة الأخرى:
دعوى الحسبة هي الدعوى التي يقيمها المحتسب لدى القاضي دفاعا عن حق الله تعالى عند العجز عن تغيير المنكر بالمراتب المتقدمة، أو عند انتهاء المنكر المراد تغييره.
من هذا التعريف لدعوى الحسبة نستطيع أن نستنتج عدة نقاط هامة توضح معالم دعوى الحسبة، وهي:
1- دعوى الحسبة لا تقام إلا حماية لحق الله تعالى خالصا كان أو غالبا، أما حقوق العباد فلا تقام لأجلها هذه الدعوى، بل تترك للدعاوى الشخصية.
2- دعوى الحسبة تقام عند العجز عن تغيير المنكر بالمراتب المتقدمة للحسبة حالة استمرار المنكر، بغية الاستعانة بالقضاء لإيقافه، فتكون بذلك مرتبة من مراتب الحسبة.
3- تقام دعوى الحسبة بعد انتهاء المنكر بغية معاقبة مرتكبه، وهذا النوع من الدعاوى هو الأهم في الباب، وهو المعنى الذي يطلق عليه اسم دعوى الحسبة غالبا لدى الفقهاء.
وبذلك تفترق دعوى الحسبة عن سائر مراتب الحسبة الأخرى بفارق واحد، وهو أن مراتب الحسبة الأخرى جميعا يمكن أن يستعمل في إزالة المنكر مطلقا، لحق الله كان كان أو لحق العباد، أما دعوى الحسبة فلا تقام إلا لحق لله تعالى لا غير، خالصا كان كما في الزنا، أو غالبا كما في السرقة، أما حقوق العباد خالصة كانت أو غالبة، فلا تقام فيها دعوى الحسبة، لكن توكل إلى الدعاوى الشخصية التي تفتقر إلى طلب صاحب الحق فيها، مثل الديون، والزواج، وغير ذلك.
والآن وقبل الخوض في بيان الفارق بين دعوى الحسبة والدعاوى الشخصية من الحيثيات المتعددة، أود أن ألقي ضوءا على مختلف أنواع الجنايات في الشريعة الإسلامية، مبينا ما يكون منها خالصا لله تعالى، وما يكون مشتركا فيه حق الله تعالى وحق العباد، وذلك للوقوف على ما يجوز رفع دعوى الحسبة فيه منها وما لا يجوز رفعها فيه.