الرد على ذوي الفروض من غير الزوجين
إذا لم تستغرق فروض ذوي الفروض التركة، ولم يكن هنالك عصبة مستحق للباقي، وجب رد الباقي بعد أصحاب الفروض، إلى أصحاب الفروض أنفسهم من غير الزوجين كل على قدر فرضه، لعدم وجود من يستحق هذا الباقي.
بهذا قال جماهير الفقهاء سلفاً وخلفاً، وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: لا يرد الباقي على أصحاب الفروض، وهو لبيت المال، وبهذا القول قال مالك رحمه الله تعالى، وقال الشافعي به إن انتظم بيت المال، فإذا لم ينتظم، رد على أصحاب الفروض([1]).
استدل الجمهور للرد، بأن الزائد من التركة، وأنها حق الأقرباء من الورثة بالاتفاق، لقوله تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ} [الأنفال: 75]، فيوزع عليهم، إلا أنه يستثنى من ذلك الزوجان، لانقطاع الصلة بينهما بالموت، ذلك أن حقهما في الإرث ثبت بالعقد لا بالنسب، والعقد منهدم بالموت، بدليل جواز زواج الزوجة بآخر بعد وفاة زوجها وانقضاء العدة.
واستدل زيد بن ثابت، بأن الله تعالى وزع الفروض بالكتاب الكريم، فلا يزاد على ما وزعه، وبقي هذا المال ولا مستحق له، فيوضع في بيت المال، كاللقطة.
وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية السوري بمذهب الجمهور، ونص عليه في المادة (288) منه كما نص عليه القانون المصري أيضاً في المادة (30) منه.
هذا وقد ذهب الشافعية ومتأخرو الحنفية، إلى الرد على الزوجين أيضاً، ولكن في درجة متأخرة عن ذوي الأرحام، فإذا لم يكن للمتوفى أحد من ذوي الفروض غير أحد الزوجين، ولا أحد من ذوي الأرحام، أخذ أحد الزوجين حقه بالفرض، والباقي بالرد عليه أيضاً، وقد أخذ بذلك قانون الأحوال الشخصية السوري، ونص عليه في المادة (288) منه، وكذلك القانون المصري، في المادة (30) منه.