الرد على الزوجين
تقدم أن القول الأول للحنفية عدم الرد على الزوجين أصلاً، لانقطاع الصلة بينهما بالموت، فلا يستحقان لذلك إلا فرضهم، وما زاد ولم يوجد أحد من ذوي الفروض أو العصبات أو ذوي الأرحام يصرف إلى المقر له بنسب على الغير لم يثبت، فإذا لم يوجد، فإلى الموصى له بما زاد عن الثلث، فإذا لم يوجد فإلى بيت المال (الخزانة العامة). إلا أن متأخري الحنفية أفتوا بالرد على الزوجين بعد ذوي الأرحام، لما رأوه من فساد بيت المال، وعدم انتظامه بالأحكام الشرعية، وهو قول الشافعية، وقد أخذ به قانون الأحوال الشخصية السوري في الفقرة الثانية من المادة (288) منه، وكذلك القانون المصري في المادة (30) منه.
فإذا لم يوجد أحد من الزوجين أو ذوي الفروض أو العصبات أو ذوي الأرحام، صرفت التركة إلى المقر له بنسب على الغير لم يثبت، ثم إلى من أوصي له بأكثر من الثلث، تتميماً لما أوصي له به، فإذا زاد شيء من التركة، فإلى بيت مال المسلمين، وذلك ليس على سبيل الإرث والاستحقاق، ولكن على سبيل الوديعة، فإن بيت المال ليس وارثاً في كتاب أو سنّة، ولكن توضع فيه الأموال التي لا مستحق لها على سبيل الوديعة، كاللقطة، والتركة هنا لا مستحق لها فتوضع فيه، فإذا وضعت التركة في بيت المال، ثم ظهر لها مستحق من الورثة، كان غائباً مثلاً، فإنه يستردّها من بيت المال، لأنها فيه على سبيل الوديعة لا الاستحقاق([1]).