المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الزواج سنة الأنبياء والمرسلين، وصفة الأتقياء والصالحين، وهو طريق لإسعاد النفس وإدامة النسل، ولا طريق سواه لإنجاب جيل واع متحضر رصين، فإن الزنا مضيعة للجيل وطريق من طرق التخريب والتدمير للحضارات والأمم.
وقد حض الإسلام على الزواج، وشجع عليه، ورغب فيه، وجعله سنة من سنن الأنبياء والمتقين، وجعل الأجر والمثوبة لمن أقدم عليه، إعفافا لنفسه، ورغبة في المشاركة في بناء المجتمع، فقال تعالى: (ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)، وقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) رواه مسلم.
والزواج ماهية شرعية، لها شروط وأركان وسنن وآداب وأثار مختلفة، ولا بد من معرفتها كي يعد زواجا صحيحا مثمرا أحكامه الشرعية.
ثم إن الزواج شركة بين الزوجين، وهذه الشركة ترتب حقوقا وواجبات على كل من الزوجين قبل الآخر، وهذه الحقوق والواجبات بعضها مالي، وبعضها غير مالي، ولا بد من بيانها حتى يعرف كل من الزوجين ماله وما عليه، فلا يشتط في الطلب، ولا يقصر في العطاء.
وفي هذا الكتاب بيان شاف لجميع هذه الشروط والأركان والأحكام، مع بيان كاف للحقوق والواجبات التي يرتبها عقد الزوج لكل من الزوجين وباقي أفراد الأسرة، حاولت فيه أن أستجمع أكثر المذاهب الفقهية في كل جزئية من جزئياته، مع الدليل والترجيح بين الأقوال، على أسس عليمة أصولية، قدر الإمكان، مع بيان مآخذ كثير من القوانين العربية للأحوال الشخصية من هذه الأحكام، وبخاصة القانون السوري، والقانون المصري، والقانون الأردني، والقانون الكويتي.
وأسال الله تعالى أن ينفع به عباده الصالحين، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يعفو عني إن زلت بي القدم في إعداده، أوفي بعض الأحكام التي أوردتها فيه، وحسبي أنني بذلت الجهد مخلصا في ما رأيت أنه الصواب، وهو جهد المقل، والله تعالى من وراء القصد.
والله تعالى أعلم.
الثلاثاء 17 كانون الثاني 2006هـ و 17 كانون الثاني 2006م
أ.د.أحمد الحجي الكردي