3 – حل المعاشرة الزوجية:
الأثر الثالث من آثار الزواج الصحيح حل المعاشرة، وهي استمتاع كل من الزوجين بالآخر جسدياً في غير ما جاء النص على تحريمه، ولا يسقط هذا الحق بالنص في العقد على نفيه، ولكن يلغو الشرط، ويبقى العقد صحيحاً، و يبقى حل المعاشرة ثابتاً، وعلى ذلك يحل لكل من الزوجين في العقد الصحيح أن ينظر إلى الآخر إلى جميع بدنه، وله أن يستمتع به جنسياً باللمس وما فوقه حتى الجماع، إلا أنه يستثنى من ذلك حالات جاء النص على تحريمها وهي:
1 – الجماع في أيام حيض الزوجة أو نفاسها، فإنه محرم بنصوص القرآن الكريم، وهو قوله تعالى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222) ،والنفاس مثل الحيض في الحكم.
2 – الجماع في نهار رمضان إذا كان الزوجان أو أحدهما صائماً، لأنه يفسد الصوم المفروض، وهو محرم، وكذلك الجماع في حالة الإحرام بالحج، فإنه يفسده.
3 – الاستمتاع بالزوجة بما بين السرة والركبة باللمس وما إليه، إذا كانت حائضاً أو نفساء، في قول جمهور العلماء، وأباح بعضهم ذلك بما دون الجماع.
هذا والاستمتاع بالشكل المتقدم حق لكل من الزوجين على الآخر، فلو امتنع عنه كان ظالماً وأجبر عليه.
وهل يكون الجبر قضائيا؟
إذا امتنعت الزوجة عن تمكين زوجها من الاستمتاع بها أثمت بالاتفاق مطلقاً، وعدت ظالمة معتدية، ولكن هل تكون ناشزا بذلك وتسقط نفقتها؟ قولان للحنفية في ذلك [1]، والأقوى منهما عدم النشوز بذلك، لصعوبة انضباطه وثبوته.
وإذا امتنع الزوج عن تمكين زوجته من الاستمتاع به، أثم أيضاً في حدود طاقته، ولا يأثم فيما يعجز عنه، ذلك أن الواجب على المرأة عمل سلبي، وهو التمكين، وهو لا يحتاج إلى قدرة خاصة، أما الواجب على الرجل فهو عمل إيجابي، ولهذا نص كثير من الفقهاء على أن الواجب على الرجل قضاء هو جماع زوجته مرة واحدة فقط، وما وراء ذلك فهو واجب دياني عليه، ولا رقابة للقضاء عليه، لما تقدم من السبب.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الواجب عليه قربانها كل أربعة أيام مرة، وهو مروي عن أبي حنيفة، واختاره الطحاوي، استدلالاً بحديث كعب بن سور، وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في التفرق للغيبة.
وذهب فقهاء آخرون إلى وجوب الجماع على الرجل كل أربعة أشهر مرة، استدلالاً بالإيلاء، والأشهَر من ذلك كله القول الأول، لقوة دليله وملحظه.