كتاب الفرائض
الحقوق المتعلقة بالتركة
كفن الميت ومؤنة تجهيزه واجبان من رأس ماله بالمعروف، والمذهب يقدمان على ما سواهما، وقيل يقدم عليهما دين رهن، وأرش جناية، ونحوهما، والحنوط والطيب قيل كالكفن، والمذهب لا يجبان [1]، ولو خلَّف ماءً وله رقيق عطشان قُدِّم العطشان، وقيل الميت أولى بمائه، وقيل يقدم العطشان إن خاف الموت، وإلا فلا، ولو خلَّف سترة ورقيقه الحيّ عريان صلى فيها الحي، ثم يكفن الميت، وقيل يقدم الميت، ولو خلَّف سترة فالحي المضطر أحق بها، ذكره في الفصول احتمالا، واقتصر عليه، والمرأة كفنها ومؤنة تجهيزها في مالها، وقيل في مال زوجها، وقيل إن كان لها تركة وجب عليها، وإلا فعلى الزوج.
ثم بعد الكفن ونحوه يقدم النذر بمعين، ثم ثمن له رهن لازم، ثم يقدم دين الله، ودين الآدمي، فإن اجتمعا واتسعت التركة أخرجا، وإن ضاقت عنهما تحاصَّا، نص عليه، وعنه يبدأ[2] بدين الآدمي، وقيل تقدم الزكاة إن علقت بالعين، وديون الله سواء، وعنه تقدم الزكاة على الحج، ثم تنفذ وصيته، ثم ما بقي قسم على الورثة.
[1] قال البهوتي: وإذا مات ميت بدئ من تركته بكفنه وحنوطه ومؤنة تجهيزه بالمعروف ومؤنة دفنه بالمعروف من صلب ماله سواء قد كان تعلق به أي المال حق رهن أو أرش جناية أو لم يكن تعلق به شيء من ذلك كحال الحياة إذ لايقضى دينه إلا بما فضل عن حاجته وتقدم وما بقي بعد ذلك أي بعد مؤنة تجهيزه بالمعروف يقضى منه ديونه. .. ( كشاف القناع 4/403-404 ).
وقال النووي في المنهاج: ( يبدأ من تركة الميت بمؤنة تجهيزه ثم تقضى ديونه ثم وصاياه من ثلث الباقي ثم يقسم الباقي بين الورثة. قلت: فإن تعلق بعين التركة حق كالزكاة والجاني والمرهون والمبيع إذا مات المشتري مفلسا قدم على مؤنة تجهيزه ). ( مغني المحتاج 3/3-4 ).
وقال الدردير في الشرح الكبير: ( يخرج من رأس تركة الميت. .. حق تعلق بعين أي ذات كالمرهون في دين لتعلق حق المرتهن بذاته فيقم على كفن الميت ونحوه، وعبد غير مرهون جنى لأنه صار بجنايته كالمرهون. .. ثم بعد إخراج ماذكر يخرج من رأس المال تجهيزه من كفن وغسل وحمل وحفر وغيرها بالمعروف. .. ثم تقضى من رأس ماله ديونه. .. ) ( الدسوقي 4/457-458 ).
وقال الحصكفي في الدر المختار: ( يبدأ من تركة الميت الخالية عن تعلق حق الغير بعينها كالرهن والعبد الجاني والمأذون المديون والمبيع المحبوس بالثمن والدار المستأجرة. .. بتجهيزه يعم التكفين من غير تقتير ولا تبذير. .. ثم تقدم ديونه التي لها مطالب من جهة العباد. .. ثم تقدم وصيته ) ( ابن عابدين 5/484-485 ).
ومنه يتضح تفرد الحنبلية عن سائر الفقهاء في تقديم التجهيز والتكفين على سائر الحقوق.
[2] في الأصل ( يبداء ).