فصل
أسباب الإرث
والمثبت للإرث أربعة:
الأول والثاني: سبب خاص، وهو النكاح، وولاء العتق.
الثالث: النسب، وهو ثلاثة أقسام: أصول: وهم الآباء والأمهات وإن علوا، وفروع، وهم الأولاد وإن سفلوا، وحواش، وهم من يدلي بهم.
الرابع: سبب عام، وهو جهة الإسلام، حيث مات من لاوارث له، وهو من مال بيت المال يكون إرثا للمسلمين بالعصوبة على المذهب [1]، وعلى قول القاضي وابنه يوضع في بيت المال على سبيل المصلحة، لا أنه إرث، وعنه يُقدَّم على بيت المال الإرث بالمؤاخاة، والمحالفة، وإسلامه على يديه، والتقاطه، وكونهما من أهل الديوان، وقيل: ويقدم عليه المولى من أسفل عند العدم.
[1] اتفق الفقهاء على أن التركة إذا لم يكن لها وارث أنها توضع في بيت المال، ولكن اختلفوا في هذا الوضع أهو على سبيل الإرث أم على سبيل الإيداع كاللقطة، فذهب مالك والشافعي والأوزاعي إلى أن بيت المال وارث بالعصوبة عند انعدام الورثة أو زيادة التركة عن فروضهم إن لم يكن للميت عاصب، فلو مات إنسان عن بنت وبنت ابن فالنصف للبنت والسدس لبنت الابن والباقي لبيت المال على سبيل الإرث بالتعصيب، ويسمونه جهة الإسلام، وذهب أبو حنيفة إلى أن بيت المال ليس وارثا وإنما يودع المال فيه عند انعدام الوارث على سبيل اللقطة والمصلحة وحفظ المال، وعليه فإذا توفي إنسان عن بنت وبنت ابن كان النصف للبنت والسدس لبنت الابن فرضا، والباقي لهما ردا، ولايودع في بيت المال، وأما الحنبلية فقد جاء في كشاف القناع أن مازاد عن أصحاب الفروض يرد عليهم ولم يذكر قولا آخر، فدل على أن المذهب عند الحنبلية أن بيت المال لا عصوبة له، على خلاف ما ذكره المرداوي، وجاء في المغني مايؤيد ما ذهب إليه البهوتي بناء على القول الأظهر في المذهب، حيث قال الخرقي: ( ويرد على أهل الفرائض على قدر ميراثهم إلا الزوج والزوجة )، وقال ابن قدامة: ( والذي ذكر الخرقي أظهر في المذهب وأصح )، إلا أن شارح الرحبية من الشافعية بعدما ذكر أسباب الإرث الثلاثة المتفق عليها وهي النكاح والولاء والنسب، قال: ( ليس بعد هذه الأسباب الثلاثة سبب رابع مجمع عليه ولا مختلف فيه عندنا، لأن بيت المال وإن كان سببا رابعا على الأصح في أصل المذهب فقد أطبق المتأخرون على اشتراط انتظام بيت المال، ونقله ابن سراقة عن علماء الأمصار. اهـ.، وقد أيسنا من انتظامه إلى أن ينزل عيسى عليه السلام فلذلك نفاه الناظم ) شرح الرحبية ص18-19، ابن عابدين 5/488، والمغني 6/201-202، وكشاف القناع 4/404، والدسوقي 4/468، ومغني المحتاج3/4.