الإرث
تمهيد:
من الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة، وساواها فيها بالرجل بعد أن حرمت منها لدى أكثر أمم العالم ردحاً طويلاً من الزمن، حق الإرث من أقاربها عند وفاتهم، وذلك مصداقاً لقوله سبحانه: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}([1]) وقد كانت المرأة محرومة من هذا الحق لدى العرب في الجاهلية، بل إنها فوق ذلك كانت سلعة تورث كما يورث المتاع، حتى جاء الإسلام وحرم ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً} ([2]).
وقد أقام الإسلام توزيع التركة بين الأقرباء على أسس موضوعية عادلة، بعيدة عن الهوى، والتحيز إلى قريب دون قريب، أو جنس دون جنس، وتفرد القرآن الكريم بتفصيل هذه الأحكام أو جلّها بجزئياتها ودقائقها، على خلاف منهجه في الأحكام الأخرى، حيث اكتفى برسم خطوطها العريضة، وبيان قواعدها العامة، وترك تفصيلات ذلك إلى المجتهدين في كل عصر وأوان، يستنبطونه على وفق تلك الأسس والقواعد، بما يؤمن المصلحة، ويوفر الراحة والاستقرار للناس جميعاً، وذلك لما للمواريث من خطورة خاصة في حياة الناس. وقد ظن بعض من لا علم له ولا ثقة بالله تعالى، أن الإسلام حاف على المرأة في ذلك، إذ نحلها نصيباً أقل من نصيب الرجل في بعض الأحيان. ولعلهم في ذلك غفلوا أو تغافلوا عن حكمة الله تعالى الذي شرع ذلك، وتفرد ببيان جزئياته تفصيلاً في كتابه الكريم، ونسوا أو تناسوا أنه العدل المطلق هذا إن كانوا من المؤمنين به. فإن كانوا من الملحدين والمشركين، فإن عليهم أن يذكروا أن نظام الإسلام كل لا يتجزأ وأن بعضه ممسك ببعض، وأن إلى جانب المواريث في الإسلام أحكاماً أخرى، ونظماً مكملة ومتممة، كنظام النفقات، ونظام وجوب العمل.. وإن الإسلام لولا تنظيمه المواريث على هذا النمط في دائرة نظامه الشامل، لكان فيه الحيف كل الحيف على الرجل، ومعاذ الله أن يقع الإسلام ذلك، فإنه يأبى الظلم للرجل كما يأباه للمرأة على سواء.
وإنني وضعاً للأمور في مواضعها مدعمة بالأرقام والحجج الواضحة، سوف أستعرض حقوق المرأة الإرثية على مختلف أوضاعها وأشكالها، أماً كانت، أم بنتاً، أم أختاً.. ثم أعقب على ذلك ببعض الملاحظات والبيانات والتوضيح، بما لا يدع مجالاً للشك في حكمة الإسلام وعدالته المطلقة في نظام الإرث، كشأنه في أنظمته كلها.
الوارثات من النساء:
الوارثات من النساء أصناف تسعة، هي:
1- البنت الصلبية: وهي البنت المباشرة، احترازاً عن بنت الابن، فإنها بنت تجوزاً.
2- بنت الابن الصلبية: وبنت ابن الابن وإن نزل، دون أولاد البنات، وأولاد بنات الابن، فإنهن لا يرثن لأنهن من ذوي الأرحام([3]).
3- الأم: وهي الأم النسبية دون الأم رضاعاً.
4- الجدة الصحيحة: وهي الجدة أم الأب، وأم الأم، وأم أب الأب، وأم أم الأم، وإن علون.. بشرط أن لا يتوسط في نسب إحداهن جد رحمي، وهو الجد أب الأم ومن فوقه، فإذا توسط ذلك في نسبها لم ترث، فالجدة أم أب الأم لا إرث لها وتسمى في اصطلاح علماء المواريث الجدة الرحمية، أو الجدة الفاسدة.
5- الأخت لأم.
6- الأخت الشقيقة، وهي الأخت لأب وأم.
7- الأخت لأب.
8- الزوجة: بشرط أن تكون عند وفاته في عصمة زوجها من نكاح صحيح، وكذلك المطلقة رجعياً إذا توفي عنها زوجها وهي في العدة، فإنها ترث كالزوجة، أما المطلقة بائناً، فإنها إن توفي عنها زوجها وهي في العدة وكان فارّاً بطلاقها، فإنها ترث كالزوجة، وإلا لم ترث.
9- المعتِقة: وهي المرأة التي أعتقت رقيقها أو رقيقتها، ثم ماتا وليس لهما وارث غيرها من العصبات النسبية.
هؤلاء الأصناف التسعة من الوارثات من النساء هن كل الوارثات بالفرض والتعصيب، وقد اتفق الفقهاء على ذلك، الاختلافات بسيطة جداً تتعلق بمقدار نصيب بعضهن في بعض الأحوال القليلة، حيث اختلفوا فيها لعدم النص عليها في الكتاب الكريم بقاطع، كما في حال توريث الأم ثلث الباقي مع الزوج والأب، وسوف يأتي ذلك.
وهناك إرث بالرحمية، وقد اختلف الفقهاء فيه، فذهب الحنفية إلى القول به، خلافاً للشافعية، ولهذا فإنني سوف أغضي عن ذكره وبيان تفصيلاته، ومن أحب الاطلاع عليه فليرجع إلى باب ذوي الأرحام من كتب الحنفية.
أحوال الأصناف التسعة السابقة وحصة كل في التركة:
1- البنت الصلبية:
للبنت الصلبية ثلاث حالات هي:
أ ـ النصف: فإنها تستحق النصف من التركة إذا كانت واحدة ولا أخ لها يعصبها من أبناء المتوفى الصلبيين.
ب ـ الثلثان: وتستحق ثلثي التركة إذا كانت أكثر من واحدة، اثنتين فما فوق، وذلك إذا لم يكن لهن أخ يعصبهن من أولاد الميت، والثلثان هنا يقسمان بينهن بالسوية. فإن كانتا اثنتين كان لكل الثلث، وإن كن أربعة كان لكل السدس وهكذا...
جـ ـ التعصيب: مع الابن الصلبي، فإذا كان معهن ابن (أخ لهن) فإنهن يأخذن معه الباقي من التركة بعد أصحاب الفروض (من غيرهن)، سواء كن واحدة أو أكثر، وسواء كان الابن معهن واحداً أو أكثر، وهنا يقتسمون الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
2ـ بنت الابن وإن نزل:
لها ست أحوال هي:
أ ـ النصف: إذا كانت واحدة ولا معصب لها من إخوتها أو أبناء عمها من فروع ابن الميت في درجتها أو أسفل منها، ولم يكن للميت فرع وارث أعلى منها.
ب ـ الثلثان: إذا كن اثنتين فصاعداً في درجة واحدة، سواء كن أخوات أم بنات عم، ولم يكن لهن معصب، ولا معهن فرع وارث للميت أعلى منهن، وهنا يقتسمن الثلثين بينهن بالسوية.
جـ ـ التعصيب: مع ابن الابن الذي في درجتهن، وكذلك الأسفل منهن إذا لم يكن وارثات بالفرض، سواء أكان أخاً لهن أم ابن عم، فيأخذ معهن الباقي بعد أصحاب الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين، سواء في ذلك كن واحدة أو أكثر، وسواء أكان ابن الابن واحداً أو أكثر، وذلك بشرط انعدام الفرع الوارث من الذكور الأعلى منهم.
د ـ السدس: إذا كن واحدة أو أكثر ولا معصب لهن، وكان معهن بنت صلبية واحدة، أو ابنة ابن واحدة أعلى منهن مستحقة للنصف، وهنا يقتسمن السدس بينهن بالسوية، إذا كن أكثر من واحدة، فإن كانت واحدة تفردت به.
هـ ـ الحجب: وذلك في حالين:
أ ـ بالابن، ابن الابن الأعلى منها مطلقاً.
ب ـ بالبنتين، وبنتي الابن الأعلى منها، إذا لم يكن لها من يعصبها من أبناء الابن المساوين لها أو الأدنى منها، وإلا فإنها تتعصب بهم. وترث معهم الباقي بعد أصحاب الفروض، للذكر مثل حظ الأنثيين.
3ـ الأم:
للأم ثلاث أحوال هي:
أ ـ السدس: وذلك عندما يكون للميت فرع وارث ولو واحداً، كالابن، أو البنت، وابن الابن، وبنت الابن.. أو يكون له إخوة متعددون اثنان فأكثر من أي جهة كانوا، ذكوراً أم إناثاً، أم ذكوراً وإناثاً، أشقاء كانوا أم لأب أم لأم على سواء.
ب ـ الثلث: وذلك عندما لا يكون للميت فرع وارث، ولا عدد من الأخوة أو الأخوات,فإذا كان له أخ أو أخت واحدة لم يضر ذلك,وتستحق الأم الثلث معه.
جـ ـ ثلث الباقي: استثناء من استحقاق الأم الثلث في الحال السابقة، فإنها تستحق ثلث الباقي بعد أصحاب الفروض وذلك في حالين:
الأولى: أن يكون للميت أم وأب وزوجة فقط، فإن الأم هنا تستحق ثلاث ثلاثة أرباع التركة الباقية بعد نصيب الزوجة، هو ربع التركة كلها.
الثانية: أن يكون للميتة أم وأب وزوج فقط، فإن الأم هنا تستحق ثلث النصف الباقي بعد نصيب الزوج، وهو سدس التركة كلها.
وذلك لئلا يكون نصيب الأم في هاتين الحالتين أكثر من نصيب الأب في التركة، وهو مساوٍ لها في القرابة، ويزيد عليها التعصيب. وهذا لدى جمهور الصحابة والتابعين، وبه أخذ فقهاء المذاهب الأربعة، وروي عن ابن عباس رضي الله عنه القول بأن للأم هنا ثلث كل التركة، ولا استثناء، ولا يضر أن يكون نصيبها أكثر من نصيب الأب.
4ـ الجدة الصحيحة:
للجدة الصحيحة حالتان هما:
1ـ السدس: والسدس تستحقه الجدة واحدة كانت أم أكثر ما لم تكن محجوبة، فإذا كانت واحدة تفردت به، وإذا كن أكثر من واحدة اقتسمنه بينهن بالسوية، ويستوي الحال هنا أن تكون الجدة من جهة الأب أم من جهة الأم، فإذا كان للميت جدتان إحداهما من قبل الأب، والأخرى من جهة الأم اقتسمن السدس بينهن بالسوية ما داما في درجة واحدة، فإذا اختلفت درجة قربهما من الميت، حجبت القربى البعدى من أي جهة كانت.
ب ـ الحجب: هذا والجدة تحجب بالأم مطلقاً، سواء أكانت جدة لأب أم جدة لأم، أما الأب فيحجب الجدات اللواتي من جهته لا غير.
ثم إن الجدة القربى المحجوبة بالأب تحجب من وراءها من الجدات من جهة الأم، فلو مات وله جدة أم أب، وجدة أم أم أم، وأب، ورث الأب كل المال، ولا حظّ للجدات، أما أم الأب، فلأنها محجوبة بالأب، وأما أم أم الأم فلأنها محجوبة بأم الأب لقربها عنها. ولو مات وله أم أم، وأم أب، وأب، ورثت أم الأم السدس كله، ولا حقَّ لأم الأب لحجبها بالأب.
5ـ الأخت لأم:
للأخت لأم ثلاث أحوال:
أ ـ السدس: إذا كانت واحدة ليس معها أخ أو أخت لأم غيرها، ولم يكن للميت فرع وارث مطلقاً، ولا أصل وارث من الذكور، وكذلك الأخ لأم، فإن له مثل ما للأخت لأم تماماً هنا.
ب ـ الثلث: وذلك عند التعدد سواء أكان معها أخ لأم أم أخت لأم على سواء، وهنا يقتسمون الثلث بينهم بالتساوي، الذكر والأنثى فيه سواء، وذلك بشرط أن لا يكون للميت فرع وارث مطلقاً، ولا أصل وارث من الذكور.
جـ ـ الحجب: وذلك مع الفرع الوارث بالفرض أو التعصيب ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر، ومع الأصل الوارث بالفرض أو التعصيب من الذكور فقط، دون الوارثين بالرحم من الفروع والأصول، فإن الأخوات لأم لا يحجبن بهم.
6ـ الأخت الشقيقة:
ولها خمس حالات:
أ ـ النصف: إذا كانت واحدة، وليس لها من يعصبها أو يحجبها من الورثة.
ب ـ الثلثان: إذا كن اثنتين فصاعداً ولا معصب لهن ولا حاجب من الورثة وهنا يقتسمن الثلثين بينهن بالسوية، فإن كن اثنتين كان لكل ثلث، وإن كن أربعة كان لكل سدس وهكذا...
جـ ـ التعصيب بالغير: إذا كان معها أخ شقيق أو أكثر، فإنها تقتسم معه ما بقي من التركة بعد أصحاب الفروض من غيرها للذكر مثل حظ الأنثيين، سواء أكانت الأخت واحدة أم أكثر، بشرط أن لا يكون للميت عصبة أولى من الأخ الشقيق.
د ـ التعصيب مع الغير: إذا كان معها فرع وارث من الإناث، كالبنت وبنت الابن، ويستوي الحال هنا أن تكون الأخت واحدة أم أكثر، فإنها تأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض ثم إذا كانت واحدة تفردت به، وإذا كن متعددات اقتسمنه بالسوية بينهن، وذلك بشرط أن لا يكون للميت عصبة بالنفس أولى منهن.
هـ ـ الحجب بالفرع الوارث المذكر: وبالأصل من الذكور عند أبي حنيفة، وقال الصاحبان للشقيقات نصيب من الإرث مع الجد، والفتوى على قول الإمام أبي حنيفة، وقانون الأحوال الشخصية على خلافه، وقد تقدم ذلك.
7ـ الأخت لأب:
ولها سبع حالات، فيها حالات الأخت الشقيقة الأربع الأولى السالفة وتزيد على ذلك ثلاث حالات أخرى هي:
أ ـ السدس: إذا كان معها أخت شقيقة واحدة مستحقة للنصف.
ب ـ الحجب المطلق: وهو المنع من الإرث مطلقاً، وذلك عند وجود الفرع الوارث المذكر أو الأصل الوارث المذكر مطلقاً عند أبي حنيفة، أو الأخوة الأشقاء الذكور، واحداً كانوا أم أكثر.
جـ ـ الحجب من الفرض: وذلك عند وجود الأختين الشقيقتين فأكثر، فإنها لا فرض لها، لكن ينظر إن كان معها أخ لأب، ورثت معه الباقي بعد أصحاب الفروض بالتعصيب به، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويستوي الحال هنا أن تكون واحدة أو أكثر وأن يكون الأخ لأب معها واحداً أو أكثر، وذلك ما دام ليس للميت عصبة أولى من الأخ لأب، وإذا لم يكن معها أخ لأب حجبت عن الإرث.
8 ـ الزوجة:
ولها حالتان:
أ ـ الربع: إذا لم يكن للميت فرع وارث بالفرض أو التعصيب، من الذكور ولا من الإناث، منها ولا من غيرها. ويستوي الحال هنا أن تكون الزوجة واحدة أم أكثر، فإذا كانت واحدة تفردت بالربع، وإلا اقتسمنه بينهن بالسوية.
ب ـ الثمن: إذا كان للميت فرع وارث بالفرض أو التعصيب ذكراً كان أم أنثى، منها كان أم من غيرها، وسواء أكانت الزوجة واحدة أم أكثر، وإنهن يقتسمن الثمن بالسوية كالربع، إذا كان أكثر من واحدة.
9ـ المُعْتِقة:
ولها حالتان:
أ ـ الباقي من التركة بعد أصحاب الفروض على سبيل التعصيب: وذلك إذا كان للمولى المتوفى أصحاب فروض، ولم يكن له عصبة نسبي، وتستحق كل التركة إذا لم يكن للميت صاحب فرض ولا عصبة نسبي مطلقاً.
ب ـ الحجب: إذا كان للميت عصبة نسبي.
ملحوظات على نصيب المرأة في الإرث
من استعراض الأحوال السالفة لإرث النساء، نلاحظ الآتي:
1ـ إن المرأة مساوية للرجل في أصل الاستحقاق، إذا اتحدت درجة القرابة، وكانت قرابة مباشرة، فالبنت تستحق الإرث من أبيها كما يستحقه الابن، والأم تستحقه كالأب، والزوجة كالزوج، والأخت كالأخ.
فإذا كانت القرابة غير مباشرة كان الإرث للرجل في الغالب ولمن يدلي إلى الميت بالرجل، فلا إرث مثلاً لبنت الأخ بخلاف ابن الأخ، ولا إرث لابن البنت دون ابن الابن، ولا للعمة بخلاف العم... وفي أحوال متعددة تستحق المرأة الإرث بالقرابة غير المباشرة كالرجل، كالجدة فإنها ترث كالجد، وبنت الابن فإنها ترث كابن الابن.
ذلك أن مبنى الإرث في الفقه الإسلامي على مبدأين: القرابة، والعصوبة (النصرة)، فبالقرابة ورث المباشرون من الأقرباء، وبالعصوبة ورث باقي الأقرباء، ولما كانت العصوبة بالنفس (النصرة) لا تكون إلا بالرجل، كان الإرث بالتعصيب للرجال وحدهم غالباً في القرابة غير المباشرة.
2ـ إن المرأة عندما تستحق الإرث بحسب القواعد السالفة يكون نصيبها مثل نصيب الرجل المساوي لها في القرابة إذا لم يمتز عليها بالعصوبة، فإذا ساواها في القرابة وامتاز بالعصوبة، كان نصيبه أكبر من نصيبها لامتيازه، وقد يكون نصيب المرأة أكبر من نصيب الرجل في بعض الأحوال، وأمثلة ذلك:
أ ـ الأم مع الأب والأولاد الذكور، فإن الأم هنا تأخذ السدس، وكذلك الأب، بلا زيادة ولا ترجيح.
ب ـ الأخت لأم تأخذ السدس عند الانفراد والثلث عند التعدد، وكذلك الأخ لأم، فإذا كان للميت أخت وأخ لأم معاً، كان الثلث بينهما مناصفة، وذلك لأن الأخ لأم لا يتناصر به عادة، وهو مساو لها في القرابة، فكان نصيبه في الإرث كنصيبها دون زيادة.
جـ ـ الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق يقتسمان الباقي بعد أصحاب الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك البنت مع الابن... وذلك لاستوائهما في القرابة، وامتياز الرجل بالتعصيب.
د ـ إذا مات إنسان وله أخت شقيقة واحدة، كان لها النصف، فإذا كان مكانها أخ شقيق، كان له الباقي بعد أصحاب الفروض، وهو قد يكون أقل من النصف، كما إذا كان للميتة زوج وأم وأخ شقيق، فإنه يأخذ السدس فقط، لأنه لم يبق غيره فكان نصيب الأخت أكثر منه، وقد يكون نصيب الأخ في أحوال هو النصف مثلها، كما إذا كان للميت زوج وأخ شقيق فإن الباقي هو النصف، وربما كان الباقي له أكثر من النصف كما إذا كان للميت زوجة وأخ شقيق، فإن الباقي له هو ثلاثة أرباع التركة.
بهذا نستطيع أن نرد كل ما يوجه إلى الإسلام من اتهام باطل من أنه غمط المرأة حقها في الإرث، فأعطاها نصف نصيب الرجل، حيث أثبتنا أنها قد ترث مثله، وقد ترث أقل منه، وربما ورثت أكثر منه، وذلك كله وفق قاعدة عادلة منضبطة، والمرأة في أحوال إرثها أقل من الرجل، فإنها لا تعتبر مغبونة أبداً، لأن لها في أحكام أخرى وامتيازات كثيرة منحها الإسلام إياها، ما يغطي ذلك، ويجعلها في محاذاة الرجل من حيث المجموع، وذلك أن الإسلام أعفاها من الإنفاق على أحد إذا لم تكن ثرية، بخلاف الرجل فإنه مكلف بالإنفاق على من تجب عليه نفقته من الأولاد ما دام قادراً على العمل، بل هي غير مكلفة بالإنفاق على نفسها من مالها وإن كانت ثرية عندما تكون زوجة، حيث إن نفقتها على زوجها ولو كان معسراً بالنفقة مطلقاً، ثم إن نفقتها واجبة على أقاربها إذا لم تكن ذات زوج وكانت محتاجة للنفقة مطلقاً، بخلاف الرجل فإن نفقته لا تجب على أحد ما دام قادراً على العمل دون المرأة.
** ** **