4 – المتابعة:
من حق الزوج على زوجته بموجب عقد الزواج أن تعيش معه في بيت واحد، وهو المتابعة، وهذا الحق أثر من آثار الزواج الصحيح حكماً، ولو نصا في العقد على نفيه لم ينتف، ولكن يلغو النفي ويبقى العقد صحيحاً، والمتابعة واجبة.
وتعني المتابعة الواجبة بالعقد أن لا تخرج الزوجة من بيت الزوجية إلا بإذن زوجها لأمر مباح أو أمر محرم.
وهل يجوز لها الخروج لضرورة أو أمر واجب، بدون إذن الزوج؟
أجاز الشارع للزوجة الخروج للواجبات، ولو لم يأذن الزوج لها، للحديث الشريف: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أحمد. وذلك كحج الفرض، وزيارة الأبوين، كما أجازوه للضرورة، كالخروج للسؤال عن أمر دينها إذا لم يؤمن لها زوجها أو أحد محارمها ذلك، وكذلك الخروج للتطبب عند الحاجة، فإنه مباح للقاعدة الفقهية الكلية: (الضرورات تبيح المحظورات)[1] إلا أن ذلك مشروط فيه الحجاب الكامل، وإلا كان إثما وذنبا كبيراًَ.
هذا وقد رغب الشارع كثيراً في التزام الزوجة بيتها، وعدم الخروج منه إلا بإذن من زوجها، وجعله عبادة لها و قربة من أجلِّ القربات إلى الله تعالى، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة، منها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ) رواه الترمذي وابن ماجه.
2 – ما روى أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله) رواه الطبراني والبزار[2].
3- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ) رواه ابن ماجه.
هذا والمتابعة واجبة على الزوجة ديانة وقضاء، ما دام الزوج قائماً بما عليه نحو زوجته، فإن قصَّر الزوج في ذلك، بأن منعها النفقة، أو آذاها، أو طردها، أو منعها مهرها المعجل، سقط عنها وجوب المتابعة، وحق لها الخروج من بيته بدون إذنه، ولا تكون بذلك ناشزا، وإلا عدت ناشزا وسقطت نفقتها.
وهل للزوج أن يرد الزوجة الناشز إلى بيته بقوة الشرطة؟
لم ينص أحد من الفقهاء على ذلك، ولا أظن أحداً يقره أو يرضى به، وإن كان يجري عليه التطبيق في بعض البلدان العربية والإسلامية، إلا أنه خطأ يجب تحاشيه والتنبه لخطورته.
والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــــ
ـــــــــ
ــــــ