حكم النكاح والطلاق على الإنترنت
النكاح في الشريعة الإسلامية عقد معاوضة، يشترط فيه من الشروط ما يشترط في المعاوضة عامة، ولكن نظرا لخطورته وأهميته حيث محله الإنسان، -وهو أكرم مخلوقات الله تعالى- فقد تميز عن سائر عقود المعاوضات الأخرى بميزات، أهمها اثنتان:
الأولى اشتراط الشهود فيه.
والثانية عدم اشتراط العوض فيه.
وعليه، فلا يصح النكاح بغير شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، على خلاف عقود المعاوضات الأخرى التي لا يشترط الإشهاد فيها أصلا، وكذلك المهر، لا يشترط ذكره فيه، بل يصح مع نفيه أو إجهاله، على خلاف الثمن والأجرة في المعاوضات، فذكرها شرط صحة فيها.
ويصح النكاح باللفظ مطلقا، وبالكتابة عند تعذر اللفظ أو تعسره.
واشترط الفقهاء لصحة النكاح بالكتابة أن تكون الكتابة مستبينة ومرسومة، ومعنى مستبينة أن تكون ثابتة بطريقة يمكن التأكد منها بعدها، فلو كتبها على الماء مثلا لم يصح العقد بها، وأما معنى مرسومة فهو أن تكون مكتوبة بطريقة معتادة توحي بالجديَّة، والكتابة على الإنترنت بين الغائبين عن بعضهما تستوفي هذه الشروط، ولهذا أرى صحة النكاح بالكتابة على الإنترنت بين العاقدين البعيدين عن بعضهما دون الموجودين في مكان واحد يمكن المشافهة بينهما فيه.
بقي أمر الإشهاد، وشرط الإشهاد على النكاح أن يسمع الشهود كلام العاقدين ويفهما معناه، هذا إذا تم العقد بالكلام بين الطرفين، أما إذا تم العقد بينهما بالكتابة، فيكفي فيه أن يسمع الشهود كلام القابل للعقد فقط عند قبوله به، بعد أن يعلموا بالإيجاب، وعليه فإذا كتبت امرأة معينة لرجل معين تحل له شرعا: (زوجتك نفسي) فلما وصله الكتاب أحضر شاهدين وقال أمامهما كتبت إليَّ فلانة قائلة: (زوجتك نفسي) وقد أجبتها بقولي: (قبلت زواجك من نفسي) فاشهدوا على ذلك، فإذا تم ذلك بين الخاطبين كتابة فقد أصبحا بذلك زوجين، ويستوي في نظري أن تتم الكتابة بينهما بذلك على الورق أو بالإنترنت.
أما الطلاق فهو من تصرفات الإرادة المنفردة للزوج، فإذا قال زوج عاقل بالغ مختار لزوجته: (أنت طالق)، فقد طلقت منه بذلك، وكذلك لو كتب ذلك إليها مستوفيا شروط الكتابة السابقة في صحة عقد الزواج، حيث تطلق منه بالكتابة كذلك، ويستوي في نظري أيضا أن تكون الكتابة على الورق أو بالإنترنت، ولا يشترط لصحة الطلاق الشهود باتفاق الفقهاء.
ويجب أن لا يغيب عن الذهن أن معرفة الشهود والعاقدين للزوجين شرط في صحة العقد، وذلك بالإشارة إليهما أو بتحديدهما بالاسم الكامل.
والله تعالى أعلم.
02/08/1429 و 04/08/2008م
أ.د.أحمد الحجي الكردي