عطلة يوم السبت
خلق الله سبحانه وتعالى الخلق كلهم ليعبدوه وحده لا شريك له، قال سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات:56-58)، وعبادة الله تعالى وحده في هذه الآية الكريمة هي إعمار الأرض بأمره ووفق شرعه، فمن حاد عن ذالك أو قصَّر كان مخالفا لأمر الله تعالى.
وليس للمؤمن أن يرتاح في حياته من عبادة الله تعالى هذه، إلا بالقدر الذي يحتاجه لمتابعة العمل، قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105)، حتى يوم الجمعة لا راحة فيه للمؤمن، بل عمل دؤوب إلى أن ينادى لصلاة الجمعة الأذان الثاني لا الأول، فإذا انقضت الصلاة فإلى العمل الدؤوب أيضا، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:9-10). والمثل العربي يقول: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).
وعليه فليس هنالك وقت محدد لراحة المؤمن في التشريع الإسلامي، موظفا كان أو عاملا أو تاجرا أو غير ذلك.
ولكن لأولياء أمور المسلمين أن يخصصوا لراحة الموظفين لديهم الوقت الذي يرونه مناسبا، من أجل أن يتمكنوا من متابعة عملهم بنجاح، وليفرغوا لواجبات أخرى مطلوبة منهم في عبادتهم لله تعالى، وقيامهم بأود أسرهم، مثل برهم لأبويهم وتربيتهم لأولادهم، وتوفيتهم لحق زوجاتهم.... ، في كل يوم، بتخصيص ساعات معينة للراحة تتيح لهم الراحة اللازمة لمتابعة عملهم في اليوم الثاني، أو في كل أسبوع، لمتابعة عملهم في الأسبوع الذي يليه، وكذلك في كل شهر، أو في كل سنة، ولا تثريب عليهم في ذلك، إلا أن يكون في شيء مما تقدم تقليد لغير المسلمين مما هو من خاصتهم، فلا يجوز، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود وأحمد.
ودفعا لحساسية البعض من تعطيل الإدارات يوم السبت، بسبب أن اليهود يعطلون في هذا اليوم، وأن ذلك جزء من عبادتهم وعقيدتهم التوراتية، وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَابنُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (الأعراف:163).
وتلبية للمصلحة المرجوة في أن تكون عطلة البنوك خاصة يوم السبت، أسوة بالبنوك الأجنبية التي تعطل في هذا اليوم، ترى اللجنة أن تعطل البنوك في الكويت يوم السبت بدلا من يوم الخميس، وأن تبقى الدوائر الرسمية الأخرى على عطلتها يوم الخميس، وبذلك ترتفع الحساسية، وتتأمن المصلحة المرجوة، وبه أيضا تتأمن مصلحة جديدة، وهي إمكان مراجعة الموظفين البنوك يوم الخميس، فهو يوم عطلة عندهم تتيح لهم التحرك وفق مصالحهم، ومنها مصالحهم في البنوك، كما تتيح لموظفي البنوك تأمين مصالحهم في الدوائر الرسمية يوم السبت، لأن الدوائر الرسمية تعمل في هذا اليوم الذي هم يرتاحون فيه.
والله تعالى أعلم.
أ.د. أحمد الحجي الكردي