كشف خبير الموسوعة الفقهية عضو هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د أحمد الحجي الكردي أن كثيرا من المسلمين عاجزون عن تقديم العون للمسلمين في قطاع غزة، لكن هذا الضعف ليس طريق الانكسار أو أخر المطاف، فالتعبير بالدعاء أمر لا يستهان به وأضاف: إن الدعاء سلاح جامع لصفوف المسلمين ومخذل لصفوف أعداء المسلمين، وطريق من طرق الاستعانة بالله تعالى العزيز الحكيم، الذي بيده النصر.
وأوضح الكردي في حوار خاص مع «النهار» أن أنظار الاقتصاديين العالميين من اليهود والنصارى وغيرهما اتجهت إلى الاقتصاد الإسلامي بديلا عن الأنظمة الهالكة، لأنه النظام الذي يقوم على مبدأ الحرية المنضبطة بمصالح الأمة.
وبيّن الحجي كيفية حماية أبناء المسلمين من بطش الفضائيات قائلا إن الأسرة في الإسلام هي الخلية الأولى والوحيدة التي ينشأ منها المجتمع، وبقدر ما تكون قوية متماسكة يكون المجتمع قويا وموحدا، ومن هنا عني الإسلام كثيرا بتكوين الأسرة من لحظة خطبة الرجل المرأة، واتفاقهما على تربية الأبناء على أصول البر والتقوى الكثير من التفاصيل حول الرأي الفقهي في القضايا الراهنة.. في السطور التالية:
دعا الإسلام إلى التكافل بين المسلمين، هل ترى فضيلتكم أن التكافل قائم بين المسلمين اليوم، وما الصورة المثالية للتكافل كما يوضحها الإسلام؟
قال تعالى في كتابه الكريم: (اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10)، وقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ) رواه مسلم.
وما تخلى المسلمون يوما عن هذا المبدأ المهم الا تفرقوا وذلوا، وهي حال كثير من المسلمين اليوم، قال أحد المصلحين: (إذا أردنا أن تُسلم أوروبا فعلينا أن نخبرهم أننا لسنا مسلمين، لأنهم ينظرون إلى الإسلام من خلال تفرقنا). وطريق النجاة تتمثل في قوله تعالى: (اِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92) .
دلالات موعظة الدعاء
المسلمون في غزة محاصرون ويعجز أغلب المسلمين عن نصرتهم.. فهل الدعاء يكفي؟.
لا يستهان بالدعاء فانه سلاح جامع لصفوف المسلمين ومخذل لصفوف أعداء المسلمين، وطريق من طرق الاستعانة بالله تعالى العزيز الحكيم، الذي بيده النصر، ولكن الله تعالى طلب منا مع الدعاء العمل، فقال سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (الأنفال: 60)، وقال سبحانه: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ اِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105).
ولهذا فالمطلوب الآن الدعاء الى الله تعالى لهم بالنصر، ومع الدعاء تقديم كل عناصر الدعم الممكنة، من سياسية، واقتصادية، وغيرهما لقول الرسول قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) رواه مسلم وأصحاب السنن.
مشكلات وحلول اقتصادية
اتجهت أنظار الغرب الى الاقتصاد الاسلامي بعد أن ضربت الأزمة الاقتصادية العالمية أكبر اقتصاديات العالم. كيف يستفيد المسلمون من هذه الأزمة؟
لقد أفلست الشيوعية قبل بضع سنين، وانكشف عوار الرأسمالية في الآونة الأخيرة، ولم يبق للعالم إلا أن يفتش عن نظام بديل للاقتصاد العالمي، وقد اتجهت أنظار الاقتصاديين العالميين من يهود ونصارى وغيرهما إلى الاقتصاد الإسلامي بديلا عن الأنظمة الهالكة، فالاقتصاد الإسلامي هو النظام الذي يقوم على مبدأ الحرية المنضبطة بمصالح الأمة، فلا تقييد تاما كالشيوعية، ولا حرية مطلقة كالرأسمالية، بل هو حرية واسعة ضمن إطار الواقعية والمحافظة على مصالح الأمة، وتقديم المصلحة العامة عند التعارض مع المصلحة الفردية، ومراعاة مصالح الفقراء بقدر مراعاة مصالح الأثرياء، وتأمين القدر الضروري من العيش لكل إنسان يعيش على هذه الأرض مهما كان حاله، والمطلوب من المسلمين اليوم إبراز هذا النظام الاقتصادي المثالي المحفوظ إلى اليوم أغلبه في بطون الكتب الفقهية ولا يعرفه إلا القليل من المتخصصين، وهذه مسؤولية كبرى سيسأل عنها علماء الأمة أولا، ثم عامة أفراد الأمة ثانيا يوم القيامة.
إعادة التوازن
البعض يرى أن الرأسمالية المتوحشة التي لا تراعي المصالح الاجتماعية، وكذلك ما يسمى باقتصاد السوق، هما السبب في تلك الأزمة كما كانا السبب في أن يزداد الغني غنى ويزداد الفقير فقرا، ما تعليقكم؟
لا يشك إنسان الآن أن النظام الرأسمالي الحر غير المنضبط الا بالمصالح المادية للأغنياء هو سبب رئيس من أسباب الأزمة المالية التي يعاني منها العالم اليوم، وان كان ليس السبب الوحيد، لما في ذلك من العناية بطبقة على حساب طبقة أخرى من عباد الله تعالى، وهو الحيف والظلم، والظلم مهلكة كما يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اتَّقُوا الظُّلْمَ فَاِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَاِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ) رواه مسلم، والنظام الإسلامي الذي يقوم على مبدأ الحرية المنضبطة بالمصالح العامة لكل الناس هو الحل الأمثل لرفع الظلم وإعادة التوازن للاقتصاد العالمي.
المرابحة.. والفائدة
الفائدة البنكية المرابحة هي إحدى نظم الاقتصاد الإسلامي، ما الفرق بينها وبين الثابتة؟
ليس الأمر كذلك، فالفارق ليس بين الفائدة الثابتة والفائدة المتغيرة، ولكن الفارق بين أصول التعامل الاقتصادي أصلا، فالاقتصاد الحر يعتمد أساسا على القرض بفائدة، والاقتصاد الاسلامي يعتمد أصلا على المشاركة في الربح، ويمنع القرض بفائدة أصلا، ثابتة كانت أو متغيرة، للقاعدة الفقهية: (كل قرض جر نفعا فهو ربا) وهما مختلفان، فالفارق كبير بين أن نعتمد القرض بفائدة الذي يعني ضمان مال الغني (المقرض) مع ربحه، وترك الفقير (المقترض) في مهب الريح، وبين المشاركة التي تسوي بين الطرفين في الربح، وتحمِّل الخسارة لرب المال وحده، وعندما حرم الله تعالى الربا المنتشر بين المشركين، قال المشركون معترضون على ذلك (البيع مثل الربا)، فأجابهم رب العزة قائلا: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ اِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا اِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ اِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:275) .
الحكمة وطريقها الصحيح
ما مفهوم الشورى في الإسلام، وهل يختلف عن مفهوم الديموقراطية، وكيف يمكن تطبيق الشورى في عالمنا الإسلامي اليوم كما جاءت في الإسلام؟
المعنى العام للشورى في الإسلام ألا ينفرد الحاكم في حكمه الناس بإرادته المنفردة، مهما كانت مكانته في الأمة، ومهما بلغ من العلم والفضل، ولكن يحكمها بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويراعي مصلحة الجميع، والضعيف قبل القوي، والفقير قبل الغني، ويشاور علماء الأمة وفضلاءها وأمناءها في كل ما ليس فيه نص قاطع في الكتاب الكريم والسنة الشريفة، وذلك مصداقا لقوه سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَاِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ اِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159). وأفضل طريق لتطبيق الشورى في الأمة أن تختار أفضلها ليحكمها، ويكون له جماعة من علماء الأمة وخبرائها لا يبت أمرا في الأمة قبل مشورتهم.
ثم إن بين الشورى في الإسلام وبين الديموقراطية الغربية نقطة اتفاق ونقطة اختلاف، فنقطة الاتفاق هي أن كلا منهما لا يتفرد فيه الحاكم بالحكم قبل مشورة علماء الأمة وأمنائها، ونقطة الاختلاف هي التزام الحاكم المسلم بالحكم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله في كل ما ورد النص عليه فيهما، أما الديموقراطية الغربية فهي التزام قول جماعة الأمة وإن خالفت نصوص القرآن والسنة.
أساليب التربية ونتائجها
كيف تنظرون للتفكك الأسري بين المسلمين وتقليد النمط الغربي في حياة الشباب، وكيف يمكن علاجه من المنظور الفقهي؟
الأسرة في الإسلام هي الخلية الأولى والوحيدة التي ينشأ منها المجتمع، وبقدر ما تكون قوية متماسكة يكون المجتمع قويا وموحدا، ومن هنا عني الإسلام كثيرا بتكوين الأسرة من لحظة خطبة الرجل للمرأة، (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي، عن طريقة التعامل بين الزوجين (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي، إلى طريقة تربية الأولاد على البر والتقوى (مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود، إلى صلة الأرحام والتعامل الحسن معهم، (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ) رواه مسلم، إلى بر الوالدين والإحسان إليهما قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الإسراء:23) . إلى تكريم كبار الأسرة ورعايتهم والعناية بهم، والتقرب إلى الله تعالى في كل ذلك (الكُبَر الكُبَر) رواه البخاري.
التشريع الإسلامي
المغالاة في المهور وتكاليف الزواج أصبحت إحدى الأمراض التي تنهش جسد المجتمع المسلم، كيف يتصدى لها علماء الأمة؟
المهر هدية يكرم الزوج بها زوجته عند عقده عليها، وليس ثمنا يدفعه في شرائها، ومن هنا كانت المغالاة في المهور خارجة عن تعاليم التشريع الإسلامي الحنيف، قال: (إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا) رواه أحمد وابن حبان، ولا يعني ذلك أن يكون المهر مبلغا رمزيا في حال يسار الزوج، لقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وقد آتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (النساء:20)، لأن الهدية يجب أن تتناسب مع حال المهدي والمناسبة التي قدمت من أجلها الهدية.
وأفضل طريقة لتحديد المهور دون الوصول بها إلى الرمزية هو القدوة الحسنة، فيسارع علماء الأمة وقادتها وكبراؤها إلى تزويج بناتهم وأولادهم بهذا الأسلوب القرآني، فيتبعهم غيرهم، وتنحل المشكلة بإذن الله تعالى.
انقسم المسلمون إلى فرق وأحزاب، هل يستطيع الفقه الإسلامي أن يجمعهم حول راية واحدة وهدف واحد؟ وما الوسيلة إلى ذلك؟
المسلمون أمة واحدة، لقوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:92) ، وقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كمَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم، ولا يكونون مسلمين حقا إلا بذلك، فإذا قامت بينهم بوادر الفرقة، وجب على علمائهم وصلحائهم أن ينتبهوا إلى خطر ذلك فورا، ويقوموا بواجبهم في الإرشاد والإصلاح بينهم، ليعودوا إلى وحدتهم، قال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9) ، وإذا جاز انقسامهم إلى أحزاب وفرق ومذاهب، فلا يجوز أبدا أن يجعل ذلك طريقا للفرقة والعداوة بينهم، ولكن طريقا للتكامل والتجاذب والتحابب.
الزكاة.. والتنمية
الزكاة دورها هام وحيوي في بناء الاقتصاد الإسلامي ودعمه، ولو أن كل مسلم أخرج زكاة ماله ما بقي بين المسلمين فقير، كيف نجعل الزكاة وسيلة للتنمية، ولمن تجب الزكاة، وكيف توظف هذه الأموال لتنمية المجتمع؟
الزكاة فرض على أغنياء الأمة، وركن من أركان الإسلام، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) رواه البخاري ومسلم، وهي طهرة لمال الأغنياء، وطريق لسد خلة الفقراء، وهي طريق لربط قلوب الأغنياء بقلوب الفقراء، وتعمل على تمتين العلاقة بينهم، وهي طريق للتنمية أيضا، لأن وجود السيولة بسببها في أيدي الفقراء يدفعهم إلى صرفها في حاجاتهم، وهذا يسبب دوران المال ونشاط الاقتصاد، وكل ذلك يعود على الأمة عامة وعلى الأغنياء خاصة بمزيد من الثروة والمال، وهو مصداق قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة:276) .
الطلاق
ما تعريف الطلاق ومتى يقع؟
الطلاق معناه حل عرى الزوجية، والتفريق بين الزوجين، وهو مباح في الأحوال العادية، ومكروه أو محرم إذا أريد به إغاظة الزوجة والإضرار بها بدون مبرر، ومندوب إذا طلبته الزوجة لمبرر قائم عندها، وهو حق الزوج وحده، لقوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) رواه ابن ماجه، وللزوجة إذا ظلمها زوجها، أو غاب عنها مدة طويلة، أو فُقِد، أو منعها النفقة، أو كان به عيب، أن ترفع أمرها للقاضي ليطلقها، نيابة عن الزوج، كما أن لها أن تشترط أن يكون طلاقها بيدها عند العقد، فيكون لها أن تطلق نفسها متى شاءت بسبب ذلك.
الزكاة ومصارفها الإسلامية
هل يجوز إعطاء زكاة المال للأم الأرملة أو أي من الأصول والفروع، ولمن تعطى، ومن الأولى بها؟
الزكاة ركن من أركان الإسلام، وحق واجب للفقراء والمساكين في مال الأغنياء والموسرين من المسلمين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج 24-25)، ولا تجب إلا على الغني المسلم المالك للنصاب زائدا عن حاجاته الأساسية (المسكن والملبس والمأكل والمشرب، له ولأسرته الذين يعولهم) في كل عام مرة بنسبة 2،5 في المئة في النقود وعروض التجارة والذهب والفضة، أما المواشي فلها مقادير خاصة بها، وكذلك المزروعات، وتصرف الزكاة لثمانية من أصناف المحتاجين من المسلمين، بينتهم الآية الكريمة: وهي قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:60)، وقد شرح الفقهاء معنى هذه الأصناف الثمانية، و بينوا ضوابطها بتفصيل كامل يعرف في كتب الفقه الإسلامي. ولا يجوز للمسلم الغني أن يدفع زكاة ماله لأصوله وإن علوا وفروعه وإن نزلوا، ولكن يدفع لهم إذا احتاجوا من خالص ماله على سبيل الهبة، فهو الأكرم والأليق بهم ، وكلما كان المسلم أكثر حاجة من غيره للمال، كان الدفع إليه من الزكاة هو الأولى.
متى يقع الطلاق؟
رجل تشاحن مع زوجته بالكلام، فاستفزته بكلمة طلقني إن كنت رجلا، فقال بتلقائية وبرود أنت طالق، فسأل جماعة فقالوا له ردها بقولك(راجعتك) فهل هذا صحيح؟ وهل وقعت الطلقة عليها؟
إذا كان الزوج واعيا عند تلفظه بطلاق زوجته فقد وقع طلاقه عليها مهما كان غاضبا عند الطلاق، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلاقُ وَالرَّجْعَةُ) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، إلا أن يكون الغضب قد وصل به إلى درجة الهذيان، فلا يقع طلاقه في هذه الحال، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لا طَلاقَ وَلا عَتَاقَ فِي إِغْلاقٍ) رواه ابن ماجه وأحمد.، ثم إذا وقع الطلاق منه بحسب ما تقدم، وكان هو الطلقة الأولى أو الثانية، فهو طلاق رجعي، وللزوج المطلق أن يراجع زوجته في أثناء العدة (ثلاث حيضات) بقوله لها (راجعتك) أو ما في معناه، أو بجماعها، فإذا فعل ذلك رجعت إليه، وإذا مضت العدة من غير مراجعة بانت منه بذلك بينونة صغرى، ولا ترجع إليه إلا بعقد جديد، فإذا كان الطلقة الثالثة، فقد بانت منه بذلك بينونة كبرى فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، لقوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (البقرة:229-230).
متى تكون قراءة الإمام يوم الجمعة سرِّية؟
قراءة الإمام يوم الجمعة تكون جهرية، وليست سرية، والجهر واجب عليه فيها، فإذا قرأ سرا سهوا وجب عليه سجود السهو.
ما رأيك فيمن أكل بعدما أصبح وهو صائم وصيامه صحيح؟
عامة الفقهاء على أن المسلم إذا أصبح صائما ثم أكل أو شرب ناسيا أنه صائم، فصومه صحيح إذا استمر عليه، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) رواه مسلم.
لا يجوز
في ليل رمضان يباح الأكل والشرب والجماع، فماذا تقول في رجل يَمنع الجماع في ليل رمضان؟
هذا المانع للزوج من جماع زوجته في ليل رمضان مخطئ، لمخالفته لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ).
ماذا تقول في رجل جامع زوجته في نهار رمضان متعمدا؟
جماع المسلم في رمضان زوجته متعمدا وهما صائمان حرام شرعا، ويجب عليهما القضاء والكفارة، هذا إذا لم يكونا مفطرين معذورين في فطرهما، فإذا كانا مفطرين معذورين في فطرهما، لمرض أو سفر، فلا مانع من الجماع بينهما في نهار رمضان. والله تعالى أعلم.