2006-10-14 • فتوى رقم 8112
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين.
جزاكم الله خيرا على عملكم في الدنيا والآخرة، وأجارني وإياكم من عذابه المهين.
يا شيخنا الكريم: انا شاب كنت أصلي، فصدرت مني أقوال سيئة مخرجة من الملة في حق الله، وكل مرة أسيء فيها إلى الله أندم وأتوب، ثم أقطع عهدا على نفسي أن لا أعيد ذلك؛ إلا أني سريع الغضب.
يا شيخ: أنا الآن ارتددت أكثر من ثلاث مرات عن الإسلام بالقول وبترك الصلاة، وأريد أن أتوب هده المرة، إلا أني قرأت في تفسير البغوي أن عليا رضي الله عنه قال في الآية الكريمة (إن اللدين آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لن يغفر الله لهم)، فقال علي رضي الله عنه: من آمن ثم كفر، ثم آمن ثم كفر، ثم آمن ثم كفر لا تقبل توبته، ويضرب عنقه، فأرشدني يا شيخ: هل لا زالت التوبة ممكنة، ومادا أفعل حتى لا أقع من جديد فيما فعلت، وتكون تونتي نصوحاً؟
هل لا زال لي أمل بأن يغفر الله لي ما صدر مني في حقه، ولو لم أتب توبة واحدة نصوحة؟
وجزاك الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:70).
والله سبحانه وتعالى يقبل التّوبة من الكافر والمسلم العاصي بفضله وإحسانه كما وعد في كتابه المجيد حيث قال:« وَهوَ الَّذي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِه وَيَعْفُو عَن السَّيِّئاتِ».
والمرتد تقبل توبته ولو تكرّرت ردّته عند أكثر الفقهاء، لإطلاق قوله تعالى: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهمْ مَا قَد سَلَفَ» ولقوله عليه الصلاة والسلام:« أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلا اللّه ، فإذا قالوا لا إله إلا اللّه عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على اللّه».
ثم إذا كنت راضياً عن توبتك فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى.
ويتم تطبيق ذلك عملياً بالبعد عن أسباب المعصية ذاتها، ثم البعد عن رفقة السوء، ثم الانشغال بطاعة الله سبحانه تعالى ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت.
وعليك قضاء ما فاتك من صلوات وصيام، لأنها تبقى في ذمتك، ولا تبرأ منها بالتوبة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.