2006-08-14 • فتوى رقم 6528
السادة الأفاضل
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
مشكلتي أيها السادة تعود إلى سنوات كثيرة مضت، أرجو أن يتسع صدركم لسماع قصتي
كنت دائماً والحمد لله الأول في دراستي في جميع مراحلها، إلى أن جاءت الثانوية العامة وذاكرت فيها مذاكرة جيدة لم أضع فيها أي وقت، كان هدفي الالتحاق بإحدى كليات القمة، إلى أن جاءت الامتحانات وكنت الحمد لله أؤدي أداءً جيداً، وكانت اللجان فيها غش لكنني كنت لا أقوم بالغش لأنني أفضل طالب في المدرسة، وفي أحدى الليالي التي سبقت الامتحان كان الوقت ضيقاً ولم أستطع مراجعة المادة فتوترت أعصابي وقلت لنفسي في ذلك الوقت: أنا مذاكر لهاتين المادتين مذاكرة جيدة فأنا أولى بالغش من غيري، وقمت بالغش باعتبار أني قمت بمذاكرتهما جيداً ولم يسعفني الوقت لمراجعتهما، ودخلت إحدى كليات القمة ولم أغش فيها ولو مرة واحدة، بل كنت من الأوائل على الدفعة وأصبحت متميز جداً، ولكن بدأت تراودني فكرة الغش في هاتين المادتين، فأنا لا أدري أن كنت لم أغش كنت سأجاوب نفس الإجابة أم لا، لأنني لم أعط لنفسي فرصة الإجابة دون غش لأنني كنت مذاكر للمادتين بشكل جيد جدا، ولكن لم يسعفني الوقت ليلة الامتحان لمراجعتهما، فأصبحت حياتي جحيماً لا أعرف: هل أستحق مجموعي العالي أم لا؟ المشكلة إني أعرف جيداً أن ما بني على باطل فهو باطل، ولو إنني متأكد أنني كنت لو لم أغش سأحصل على درجات أقل كنت تركت هذا المجال، لكن المشكلة أنني طالب مجتهد وكنت مذاكر ولكن لم يسعفني الوقت للمراجعة، فلا أدري لو دخلت الامتحان ولم استكمل المراجعة كنت سأتذكر المعلومات أم لا، وسأجيب نفس الإجابة دون غش أم لا؟
أرجو منكم المشورة، فأنا أخاف أن أكسب ولو مليم حرام وهذا واضح والحمد لله في عملي، الكل يشيد بأمانتي، والحمد لله ناجح إلى أقصى درجة ومتفوق عن الكثير من زملائي؟
هل أترك هذا المجال أم استمر فيه، دلوني أفادكم الله، فأنا أعرف أن الغش حرام، وما بني على باطل فهو باطل، لكنني لست متأكداً أنني لا أستحق هذه الدرجات، لأنني كنت ذاكرت هاتين المادتين جيداً ولكن لم يسعفني الوقت لمراجعتها، وفي الكلية لم أغش كلمة واحدة وكنت من الأوائل، علماً بأني قد صليت صلاة الاستخارة، وربنا وفقني في الكلية وفي عمل جيد، هل ذلك علامات صلاة الاستخارة أم أن صلاة الاستخارة في تلك الحالة لا تصح لأنه لا يجوز الاستخارة على أمر حرام؟
ماذا أفعل علماً بأنني لا أتقن أي شي سوى دراستي والعمل في مجال دراستي؟
أرجو الرد سريعاً، وجزاكم الله كل خير .
فضيلة الشيخ : أود من حضرتك الرد على هذا السؤال لأنني أخاف أن آكل من حرام فأهلك في آخرتي، وإنني أفكر جديّاً في ترك عملي،
ولكنني لا أعرف ماذا أفعل؟ ماذا أقول لأهلي؟ كما إنني لا أستطيع الزواج لأن أهل الزوجة سيسألونني عن المؤهل؟ كما إنني لو
تركت عملي وذهبت لأعمل عند أي أحد سيسألني عن المؤهل؟
ماذا أفعل، حياتي أصبحت جحيماً بسبب هذا الموضوع، ولو فيه أي شبهة قولوا لي وسأتركه على الفور.
قرأت فتوى الشخ عطية صقر بشأن الإجارة الفاسدة، ولكنها أعتقد لا تنطبق على حالتي لأنها تتعلق بمن حصل على شهادة الجامعة بالتزوير، كما أنني لا أعرف كيف أحد إجرة المثل، وهل هذا يعني عدم ترك المجال أم لا؟
هناك من قال لي: إن التوبة تجب ما قبلها، ولكنني أعرف من شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها، ولكنني لا أعرف هل ظلمت أحد أم لا، وأعرف أيضاً أن مثلاً لو تنافس عضوان على مجلس الشعب ونجح أحدهما بطريق غير شرعي وحتى لو تاب بعد ذلك فماله حرام، هل ينطبق هذا علي أم لا، مع العلم بأنني غير متأكد أنني لا أستحق هذا المجموع؟
أرجو منكم الرد على هذه المشكلة التي تقض مضاجعي، وجعلكم الله سبباً في حلها، وجزاكم الله كل خير، وعذراً على طول السؤال.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالغش بكل أنواعه حرام مهما كانت مبرراته، لإطلاق حديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّا) رواه مسلم في صحيحه.
فعليك التوبة إلى الله تعالى والاستغفار والندم على فعلك السابق.
وإذا كنت تظن أن الغش ليس هو الذي أوصلك إلى الشهادة فلك الإبفاء عليها مع الاستغفار.
أما إن كنت متأكداً من أن الغش هو الذي أوصلك إلى هذه الشهادة، وبدونه ما كنت تنالها فعليك التخلي عن الاستفادة من الشهادة أو النجاح الذي حصلت عليه بالغش، لأنه ليس من حقك، ولك -إذا أردت- أن تبدأ الدراسة والامتحانات من أولها، فإذا نجحت من غير غش فقد استحققت الشهادة الآن.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.