2012-11-26 • فتوى رقم 60194
قرأت قصة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وما وقع من بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع شيء في نفسي بأنهم عاشروا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فكيف وقع ذلك منهم؟ وقلت في نفسي إذا كانوا وهم مَن هم ووقع منهم ذلك فكيف بنا نحن! فما رأيك يا شيخ؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد وقع منهم لذلك لأنهم بشر، وكان عن اجتهاد منهم للأصلح وليس بقصد الإفساد أو المصالح الشخصية، وفضل الصحابة عظيم، فهم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ومصطفاه، وقد روى الترمذي برقم: 3862 عن عبد الله بن مغفّل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه». ومعنى (اللهَ اللهَ في أصحابي): اتقوا الله ثم اتقوا الله في حق أصحابي. وأخرج البخاري برقم:3673 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدّ أحدهم، ولا نصيفه». وأصل الْمدّ مُقَدّر بِأَن يمد الرجل يَدَيْهِ فَيمْلَأ كفيه طَعَاما، وَإِنَّمَا قدره بِهِ لِأَنَّهُ أقل مَا كَانُوا يتصدقون به فِي الْعَادة، والنصيف هو النصف. والمراد أن القليل الذي أنفقه أحدهم أكثرُ ثوابا من الكثير الذي ينفقه غيرهم، وسبب ذلك أن إنفاقهم كان مع الحاجة إليه لضيق حالهم، ولأنه كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته غالبا، ومثل إنفاقهم في مزيد الفضل وكثير الأجر باقي أعمالهم من جهاد وغيره لأنهم الرعيل الأول الذي شق طريق الحق والهداية والخير فكان لهم فضل السبق الذي لا يداينه فضل إلى جانب شرف صحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلهم نفوسهم وأرواحهم رخيصة دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصره لدينه.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.