2008-04-10 • فتوى رقم 28592
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أدرس بالجامعة، ولله الحمد منذ الصغر لم أقل يوما كلمة فاحشة أو كلمة كفر بالله، والجميع يحبني لرفعة أخلاقي وتواضعي وحسن معاملتي للناس, لكن تجري الرياح في بعض الأحيان بما لا تشتهي السفن، وتتقاذفنا الأمواج إلى حيث تشتهي ولا يشتهي، وعوضا أن ننقذ أنفسنا قبل الغرق فإننا نسبح مع التيار، ونكون كالذبيحة تساق إلى موتها وهي لا تشعر.
سيدي الشيخ: المشكلة مشكلتان، والثانية أكبر من الأولى.
تتعلق الأولى بالفتيات، منذ أربع سنوات وقت دخولي الجامعة أعجبتني فتاة تدرس معي ذات أخلاق، لكن بدون حجاب، وقد أحببتها حبا جما، لكن لم يوفق الله بيننا، وعندما قرأت فتاويكم منذ شهرين وكانت الحل بالنسبة لي، لكن في ذلك الحين تعرفت علي فتاة أخرى، وبالرغم من أنها فائقة الجمال إلا أنني لم أجد ما يجذبني إليها، بالرغم من محاولاتي العديدة لإرجاعها على طريق الحق، فإنها لم تستجب للحجاب، وتلك النهاية -أنا لا اعترف بالجمال، إن وجه المرأة الجميل هذا صائر إلى جيفة قذرة يقتتل عليها الدود، وإن في الجنة من الحور العين ما تستحي منهن الشمس الطالعة، حلمي الوحيد فتاة توقظني لقيام الليل وصلاة الفجر، ولا أطلب شيئا آخر من الدنيا، المهم الصلاة في الليل مع زوجتي، وقراءة القران، ورضاء الله عز وجل- منذ أكثر من شهر أقوم ببحث في إحدى الشركات، وتشاركني في البحث فتاة ملتزمة بالحجاب ولله الحمد، وأنا احترمها جدا، وأسال الله أن يريها الحق ويرزقها اتباعه، وان يريها الباطل ويرزقها اجتنابه، ومع مرور الأيام أحسست أنها الفتاة المنقذة لديني لما تتميز به من سمات يعجز اللسان والقلم عن وصفها، فتاة ليست كالأخريات وبارك الله فيها –سيدي الشيخ كلما تذكرتها أرى مستقبلا جميلاً كله إيمان وكله عبادة، وأنا مستعد لكي أتخلى عن كل ما أملك لأجلها، لكنني سمعت أنها مخطوبة بالكلمة لصديق لي، ولا أعرف الحقيقة- سيدي الشيخ: أنا لا أفكر إلا في ديني كيف يمكن إصلاحه، وأنتم تعلمون ما يمكن فعله: هل أصارحها بالحقيقة وأعلم أني لا أستطيع أن أفعل؟ هل أطلب من صديقي التخلي عنها؟ وصدقني: لو طلب مني آلاف الدينارات ليتخلى عنها لاجتهدت لتوفير ما يطلب؛ لأن رفعة أخلاقها في زمن كله فساد أغلى من كل ذلك، أريد جوابا شافيا وحلا للمشكلة.
أما المشكلة الثانية: فإنني أحيانا لا أقوم لصلاة الصبح، وأعلم شدة العقاب، ولم أجد حلا، أصلي قيام الليل ولا أستطيع للصبح، الرجاء جوابا شافيا، لا أريد أن أغضب الله، كل ما أريد مغفرة ربي والثبات على دينه، وكالذين قال فيهم الله: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} أريد أن أقف بين يدي ربي وأنا نقي الثوب، نقي الجسد، نقي القلب، لا يلوثني أثر من آثار المعصية.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأرشدك أن يبحث لك أهلك عن فتاة ملزمة خلوقة، غير الفتاة المخطوبة التي ذكرتها، إذ لا يحل لك أن تخطبها وهي مخطوبة لغيرك، أو أن تكلمها لتفسخ خطبتها من غيرك للزواج منك، وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا يخطب على خطبة أخيه) أخرجه البخاري ومسلم.
إلا إنه إن فسخت خطبتها من دون تدخل منك ودون أن تكون سبباً في ذلك، فلك عندئذٍ أن تتقدم لخطبتها من أهلها كغريك من الخاطبين.
وأرشدك إلى أن تدعو الله تعالى أن يهيئ لك الزوجة الصالحة التي تنشدها، وخصوصاً في جوف الليل.
وأول ما أبدأ به نصيحتي لك فيما يعينك على الاستيقاظ لصلاة الفجر في وقتها هو قول الله عز وجل: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين﴾ [آل عمران:142], فلا بد للمؤمن من الجهاد, وأول أنواع الجهاد وأكبره جهاد النفس، فلتروض نفسك على ذلك وتستعين بالله، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لمرضاته.
ثم عليك النوم باكراً حتى تتمكن من القيام على صلاة الفجر في وقتها، ويحرم عليك السهر بعد العشاء إذا علمت من نفسك أنه يمنعك من أداء الفجر في وقتها، أي قبل طلوع الشمس، وتأثم إن بقيت على هذه الحالة، فصلاة الفجر بعد نهاية وقتها بطلوع الشمس تعتبر قضاء ولو كان ذلك قبل أذان الظهر من نفس اليوم، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ [النساء:103].
فإن حصل أن اضطررت إلى السهر أو لم تستطع النوم باكراً يوماً ما، فعليك القضاء عقب الاستيقاظ من النوم بعد ارتفاع الشمس، لحديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها) رواه الدارمي وغيره.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.