2007-08-18 • فتوى رقم 19995
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
هذا سؤال لصديقتي:
أنا درست فقه العبادات، وخاصة الشافعي، وأقوم بتدريسه إلى من حولي، وبسبب ذلك أصبح الناس يسألوني في أي شيء فقهي، ولو في غير العبادات، وأحاول أن أقرأ وأتابع الدراسة الفقهية الأخرى، ومن هذه الأمور أنني قرأت أن اليمين مع الاستثناء مثل: (والله لا أكلم فلاناُ إلا إذا كلمني), أو كما درج عند النساء العوام، عندما يودعن بعضهن: (والله لا تقومي إلا إذا أردت)، قرأت عن مثل هذه اليمين أنها تبطل اليمين عند البعض, وعند البعض الآخر ينعقد، ولكن بدون الاستثناء, فهل ما فهمته صحيح، وهل لي أن أفتي بهذه الفتاوى, وأيهما ترجح؟
كما أنني قرأت على المذهب الشافعي أنه يحرم قطع الصلاة المكتوبة إلا لعذر, فهل يحرم أيضاً قطعها على المذهب الحنفي؟
وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقول القائل: "والله لا أكلم فلاناُإلا إذا كلمني"، ليس استثناء، وإنما هو يمين معلق على شرط، فإذا حنث به عليه كفارة يمين، وإن لم يحنث لا شيء عليه.
والاستثناء بعد اليمين لكي يصح له شروط ذكرها الفقهاء في كتبهم، ولا يتسع المجال هنا لتفصيلها، ويمكنك الرجوع لمصطلح: "استثناء" في الموسوعة الفقهية الكويتية، ففيه تفصيل لذلك.
ثم إن قطع العبادة الواجبة بعد الشّروع فيها بلا مسوّغ شرعيّ غير جائز باتّفاق الفقهاء؛ لأنّ قطعها بلا مسوّغ شرعيّ عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:33]، أما قطعها بمسوّغ شرعيّ فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة له أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه نحو حية ولا يمكن تنبيهه بتسبيح، ويقطع الصوم لإنقاذ غريق، وخوف على نفس، أو رضيع.
أما قطع التطوّع بعد الشّروع فيه فقد اختلف الفقهاء في حكمه؛ فقال الحنفية والمالكية: لا يجوز قطعه بعد الشّروع بلا عذر كالفرض ويجب إتمامه؛ لأنّه عبادة، ويلزم بالشّروع فيه، ولا يجوز إبطاله؛ لأنّه عبادة، فإذا ابطله لعذر أو غير عذر وجب عليه قضاؤه.
وقال الشافعية والحنابلة: يجوز قطع التطوّع، عدا الحجّ والعمرة، لحديث: «المتنفل بالصوم أمير نفسه» رواه الترمذي وأحمد، ولكن يستحبّ إتمامه، فإذا قطعه لم يلزمه القضاء، أما الحجّ والعمرة فيجب إتمامهما، وإن فسدا إذا شرع فيهما؛ لأنّ نفلهما كفرضهما.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.