2007-06-16 • فتوى رقم 15577
استأجرت محل سوبر ماركت، وبيع وقود في بلد أجنبي، أنا وشريك لمدة عشر سنوات، ولم نملك فيه إلا ثمن البضاعة وبعض الأجهزة، وعقد إيجار لمدة عشر سنوات.
وقد ربحنا منه كثيراً، وبعد نهاية العشر سنوات تمكنت من إقناع صاحب العقار والأرض بصعوبة بتمديد عقد الإيجار لمدة خمس سنوات أخرى، وبعد سنة احتاج المحل إلى نفقات صيانة وترميم ضرورية وكبيرة، ولم يكن بالإمكان استثمار هذا المحل للفترة المتبقية من العقد، وهي أربع سنوات من دون دفع هذه المصاريف؛ حيث طلب منا صاحب العقار والأرض أن نتقاسمها معه, أي نفقات الصيانة مناصفة؛ حيث قام هو بإجراء أعمال الصيانة هذه, ورضينا بذلك مرغمين إرضاء لصاحب العقار، والذي بإمكانه طردنا في أي وقت ولأي سبب إذا أراد ذلك.
سألت شريكي أن يدفع نصيبه من هذه التكاليف، وهي النصف، إذا كان يريد أن يكمل معي استثمار هذا المحل للفترة المتبقية من عقد الإيجار، وهي أربع سنوات، فرفض أن يدفع نصيبه من التكاليف، وقال: إنه لا يريد أن يدفع أي شيء لهذا المحل، ويريد أن يبيع حصته ويخرح من هذه الشراكة، متناسياً أن المحل مستأجر، وأن ليس هناك ما يباع إلا ثمن البضاعة، وعقد إيجار لمدة أربع سنوات, وليس هناك من يدفع شيئاً في هذا المحل لمجرد وجود عقد غير مضمون لمدة أربع سنوات، وبأسم الغير، حيث إن صاحب العقار لا يرغب في تجديد العقد لنا أو لأْي مستأجر جديد.
وكذلك فإن شريكي لا يستطيع تشغيل هذا المحل للفترة المتبقية من هذا العقد بنفسه؛ حيث إنه غادر هذا البلد الأجنبي وأصبح مقيما في سوريا، وإنني أنا الذي أقوم بإدارة هذا المحل.
كذلك فإن صاحب العقار أخبرني إنه لا يريد شريكي أن يكون شريكاً معي في عقد الإيجار إذا لم يدفع حصته من نفقات الصيانة هذه، وإنه سوف يطرده من المحل إذا لم يدفع نصيبه من نفقات الصيانة.
وبعد إلحاح كثير مني على شريكي لكي يدفع نصيبه من هذه النفقات قال لي -والله على ما أقول شهيد-: إنه لا يريد أن يدفع أي شيء لهذا المحل، أو يأخذ أي شيء من وارداته، وقال بالحرف: إنه قد ربح كثيراً ما يكفي من هذا المحل خلال السنوات الماضية، وقال متكبراً: إن الربح الذي سوف ياتيه من هذا المحل خلال شهر يمكن أن يأتيه في يوم واحد من تعاملاته في سوق البورصة، والتي كان قد بدأ في تجارتها أنذاك، وقال: إنه يهبني هذا المحل ويهبني أرباحه، فسالته: هل تشهد الله على ما تقول؟ فقال: نعم، وقد حدث هذا في جلسة شخصية بيني وبينه، ولم يكن هناك أي شهود، ثم دفعت نفقات الإصلاح والصيانة بنفسي.
وبعد سنتين علم شريكي أن المحل لحسن حظي لا زال يعمل، ويدر بعض الربح, وكان شريكي قد خسر كثيراً من ماله في سوق البورصة وخرج منها, رجع ليقول: إن له حصة في المحل ويريد ثمنها، أو يريد حصة من الأرباح، وإنني قد ظلمته، وأنكر أنه وهبني أي شيء، وقال: إنه بإمكانه الرجوع عن هذه الهبة إذا كان قد وهبني إياها, علماً أنه يعيش الآن في سوريا، وإنه لم يكن هناك حاجة لتوثيق هذه الهبة قانونيا على الورق في هذا البلد الأحنبي، وإن شراكتنا قائمة على الثقة، وإنه ليس هناك عقار أو أرض، وإنما مجرد بضاعة وعقد إيجار، والمحل أنا أديره، والبضاعة هي بحوزتي، وحتى لو باعني المحل ليس هناك حاجة لنقل ملكية أو تغيير أي شيء على الورق.
أريد أن أعرف: هل هذه الهبة صحيحة، وإذا كانت صحيحة؛ هل بإمكانه الرجوع عنها؟
وإذا لم تكن صحيحة؛ هل يحق له المطالبة الآن بأي أرباح أو ثمن لحصة في هذا المحل، علماً أنه تخلى عن هذا المحل ورماه عندما وجد أنه -أي المحل- بحاجة إلى تمويل لصيانته وإعادة تأهيله، وأنا وحدي الذي أخذت المخاطرة المالية ودفعت مبلغاً كبيراً من المال لكي أتمكن من استثمار هذا المحل، والاستفادة من أرباجه لفترة الأربع سنوات المتبقية من عقد الإيجار؟
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فبما أن شريكك قد وهبك حصته فهي لك شرعاً، وليس له الرجوع فيها بعد هبتها لك وتصرفك فيها.
وأرى أن تسترضي شريكك ولو بشيء قليل، وتطيب خاطره بعد خسارته.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.