الهاتف المرئي
الهاتف المرئي من مخترعات العصر الحديث، وهو آلة يمكن استخدامها في الخير والمبرات فيباح، ويمكن استخدامها في الشر والآثام فيحرم، مثله مثل التلفزيون والمذياع وغير ذلك من كثير من الآلات والأجهزة الحديثة.
ومن الانتفاع المباح بهذه الآلة التواصل بواسطتها بين الأصدقاء والأقارب والجيران من أفراد الجنس الواحد، الرجال مع الرجال، والنساء مع النساء، وكذلك بين الأقارب ذوي الرحم المحرم، وإن اختلف الجنس، كالتواصل مع الأم والأخت والعمة والخالة و....، هذا مع اشتراط الحجاب الكامل للمرأة مطلقا إذا كان اطلاع الغير عليها في أثناء التواصل ممكنا، أما إذا تعذر اطلاع الغير عليها أثناء المهاتفة، وكانت المهاتفة بين النساء وحدهن، أو بين النساء والرجال المحارم عليهن على التأبيد، فلا مانع من إجرائها بغير حجاب.
أما مهاتفة الرجل المرأة الأجنبية عنه، فهي ممنوعة في الأصل مطلقا، سواء بالهاتف المصور أو غير المصور، إلا لحاجة ماسة وفي حدودها، وبكامل الأدب، فإذا كانت بطريق الهاتف المصور، فيجب الحجاب في هذه الحال، ولا يجوز بغير حجاب، لا لأن ذلك يدخل في حدود الخلوة، بل لما فيه من النظر إلى المرأة الأجنبية، والتحدث معها، وهو محرم بدون حجاب، لقوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31).
هذا إذا كان الكلام عاديا بدون ترقيق ولا تنغيم، لأن كلام المرأة المرقق والمنغم عورة عند عامة الفقهاء، فلا يجوز استماع الأجانب من الرجال إليه.
وقد يتساءل البعض عن حكم استعمال الهاتف المصور بين الزوج وزوجته في حال غيابه عنها مدة طويلة، بقصد تلذذ واستمتاع كل منهما بالآخر؟؟
والذي أراه أن الحكم في ذلك منوط بإمكان اطلاع الغير عليهما من خلال ذلك أو عدمه، فإذا أمكن اطلاع الغير عليهما في أثناء ذلك حرم الاتصال مطلقا بغير حجاب، وإذا استحال اطلاع الغير عليهما من خلال ذلك، فلا مانع منه، بشرط أن يكون التلذذ محدودا بالنظر فقط، دون أن يلامس أحدهما جسد نفسه، لأن النظر مباح بينهما بالمقابلة الشخصية، فلا يكون محرما بالمقابلة بالهاتف المصور أو المرئي، أما الملامسة للنفس فلا تجوز، لدخولها في حدود العادة السرية، وهي ممنوعة في غير حالات الضرورة.
والله تعالى أعلم.
الأحد 24 شوال 1428هـ و 4/11/2007م
أ.د.أحمد الحجي الكردي