2006-12-07 • فتوى رقم 9285
السلام عليكم ورحمة الله
ما هي ضوابط تقليد اليهود والنصارى؟
مع علمكم يا سيدي أنه يوجد بعض الناس يقولون على كل شيء حرام بحجة أنه تقليد للكفار.
بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد نهى الشارعُ الحكيم المسلمين عن تقليد الكفار وبخاصة اليهود والنصارى، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى؟ قَالَ:( فَمَنْ؟) أخرجه البخاري ومسلم.
ففي هذا الحديث نهيٌ عن تقليد اليهود والنصارى، وذم من اتبعهم وسلك مسلكهم، وقد أكد الشرع هذا النهي؛ وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من تشبّه بقوم فهو منهم) أخرجه أبو داود.
لكن ذكر العلماء أن هذا النهي ليس عامّاً في كل أمورهم، بل هو فيما كان من أمور دينهم وشعائرهم وخصائصهم التي يتميزون بها.
فتحريم التشبه بهم إنما هو في عباداتهم وعاداتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها، دون ما يصنعونه ويخترعونه مما يمكن أن يُستفاد منه، فلا حرج على المسلمين من مشاركتهم في هذا، بل ينبغي للمسلمين أن يكونوا السباقين إليه والمبدعين فيه.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يكون للمسلم شخصيته المتميزة، فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال:( ما هذا؟). قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال:(فأنا أحق بموسى منكم)، فصامه وأمر بصيامه.
ثم قال صلى الله عليه وسلم:(لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، وذلك حتى يخرج عن التشبه باليهود في إفراد اليوم العاشر بالصوم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.