2005-11-21 • فتوى رقم 85
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تجيب عن سؤالي بالتفصيل لو سمحت.
أنا إنسان أخاف الله والحمد لله رب العالمين ولكنني في مشكلة ولا أعرف ما هو حلها..
قبلت للتعلم في الجامعة في السنة الأولى قبل عدة سنواتK وأعطاني أبي نقوداً، جزءٌ منها دفعته للجامعةK ثم بدأت التعلم لفترة قصيرةK وتركت الجامعةK و كان أبي قد أعطاني نقوداً لأدفع عن كل السنة قبل أن أبدأ التعلمK ولكنني تركت الجامعة لأسباب عديدةK منها أن الموضوع لا يناسبني ولا يناسب طموحيK وأسباب أخرى عديدة، تكرر هذا الشيء معي أكثر من سنتينK وأنا أدخل لأتعلم ثم أكتشف أن الموضوع لا يناسبني بالإضافة إلى العديد من المشاكل الاقتصادية ثم أترك الموضوع، وأبي يعطيني المصروف كل شهر وهو يظن أنني أتعلم، وأنا لا أتعلم.
كل سنة كنت أقول له إنني سوف أنتقل لموضوع آخر وكان يوافق، وكنت أنتقل وهو يظن أن السنة السابقة قد تعلمتها، ولكن في الحقيقة أنا لم أتعلم، هو كان يوافق على انتقالي لموضوع آخر ولكن ما كان يجهله أنني لا أنتقل، وإنما أبدأ من جديد.
كما قلت كان يعطيني لأدفع عن سنة كاملة ويعطيني مصروف كل شهر، وأنا كنت خائفاً منه ومن جميع الناس أن أقول لهم إنني لا أتعلم وأعترف بفشلي للتوصل لموضوع أكمل به، وكل سنه كان يتكرر نفس السيناريو وكنت بحالة نفسية سيئة جداً جداً جداً يعلم بها الله وحده لا اله الا هو.
كنت أترك هذه المواضيع لأنها بالفعل لا تناسبني وكنت أبحث عن شيء أكبر، علماً بأن علاماتي عالية جداً بالثانوية العامة، كنت أريد شيئاً يناسب طموحي ولكنني رفضت من قبل الجامعه لتعلم الطب "حلم حياتي" بسبب امتحانات القبول، وقبلت لمواضيع أقل منه ولم أشعر في يوم أنها تناسبني، وكنت أترك لأسباب عديدة، وخفت وارتعبت من مواجهة الناس وأبي الذين سيخيب أملهم بي لأبعد الحدود، وكنت بحالة قوية من البلبلة والارتباك ولم أعرف ماذا أعمل، وهكذا مضت السنون وأنا أخدع الجميع، وبعد هذه السنوات من البلبلة وبعد أن دفع أبي لي هذه النقود جلست مع أبي بالسيارة وأنا أشعر بالندم الشديد والخوف من الله سبحانه وتعالى، وطلبت منه بحرقه وببكاء شديد أن يسامحني على كل ما مضى، وأن يسامحني بكل النقود التي صرفها علي خلال هذه السنوات وقلت له إنني خيبت أمله بالانتقال من موضوع لموضوع، وقلت له إنه أعطاني نقوداً كثيرة وإنني لم أصل بها إلى نتيجة، ولكنني أخفيت عنه أنني لم أكن أتعلم، لأنه أكيد كان سيفقد الثقة بي إلى الأبد، وفضلت أن أتكلم بشكل عام.
أما هو فبعد أن شاهدني بهذه الحاله بكى أيضاً واستغرب وسامحني بكل النقود بعد أن طلبت ذلك، واستغرب وقال لي:"أصلاً أنا لا أريد منك شيئاً حتى أسامحك، أنا أريد سعادتك "،وقال أيضاً "اذهب أنا أسامحك بكل قرش صرفته عليك"، وبعد ذلك بأشهر سألته هل تسامحني على ما فات" دون التوضيح طبعاً"، وقال لي باستغراب أسامحك على ماذا، أنا أصلاً لا أعطيك النقود وأريد منك شيئاً.
ولكن خوفي هو أنني خدعته وخدعت الناس، هل النقود التي أخذتها منه وأنا لا أتعلم هي سرقة، وهل علي أن أردها إليه مع أنه سامحني بكل شيء،" مع أنه لا يعلم أنني لم أتعلم فعلاً"، وأنا بالفعل لا أملك هذه النقود لأنها كثيرة وأخاف أن تحرمني من دخول الجنة، هل يسامحني الله بعد أن سامحني والدي، أم إن سماح والدي لا ينفع لأنه لا يعلم أنني لم أتعلم ولكنه يعلم أنني انتقلت بين المواضيع، هل علي أن أصارحه بالماضي مع أنني قد أخسره..؟
أرجوك أن تجيبني بالتفصيل لأنني بوضع سيء للغاية، وأريد أن أكون نظيفاً تماماً عندما أقابل الله سبحانه وتعالى. الآن أنا أتعلم في الجامعة، وأبي لا يصرف علي والحمد لله ولكن الماضي يخيفني، أرجوك التوضيح فيما سأفعله؟ وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
بالنسبة لما ذكرت من أن والدك كان لا يعلم بالتحديد أين تصرف ما يعطيك من المال، بل يظن أنك تنفقه في الموضع الذي يريده هو، وهو قد سامحك على هذا الأساس، فينبغي عليك أن تخبره بكامل الحقيقة، وتستسمح منه مجدداً، لأنه هو صاحب المال، وذلك لكي تبقى مطمئناً إلى أن ما أنفقته كان من حلال صرف، ولا يغنيك في ذلك استغفار أو توبة قبل أن تستسمح والدك وتعلمه بالتفاصيل التي تخفيها عنه، لأن حق العباد لا بد فيه من مسامحة صاحب الحق للإنسان، ثم تبقى التوبة بينه وبين ربه بعد ذلك، التي من شروطها أيضاًأن يعزم العبد على أن لا يعود لما فعله مرة أخرى، فعليك أيضاً أن تجنب نفسك ما تندم على فعله في المستقبل، وتحاول على قدر طاقتك أن ترد لأبيك ما استطعت من المال الذي أنفقه هو عليك في مصالحك، ولعلك بذلك تكون قد بدأت السير على هدى الله تعالى وما أمرك به من برالوالدين.
وأتمنى لك من الله تعالى الخير والتوفيق والقبول، وعلى كل حال ما أظن والدك إذا علم حقيقة الأمر إلا مسامحا لك فيما مضى، فكن جريئا في وضعه في الصورة الصحيحة، ولكن بشكل مبسط وفي لحظات أنس.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.