2017-03-14 • فتوى رقم 83997
ما هو حكم الشرع على من قام باغتصاب فتاة بالعنف؟ وما هو حكم الفتاة وخصوصا إذا حملت سواء كان المغتصب محصنًا أم لا؟ وكذلك الفتاة التي اغتصبها محصنة أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أما البنت فذنبها بمقدار موقفها من ذلك وردة فعلها وقدرتها أو عجزها عن الامتناع عن ذلك العمل المشين، فإن طاوعت وقصرت في الدفاع والرد عن نفسها، فذنبها عظيم، وإثمها كبير، وإن بذلت أقصى جهدها في البعد عن المحظور، ولم تتسبب في المعصية، فإن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
وأما الشاب فأقول له: الزنا من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنى منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزبا، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
وما فعلته هو من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فعليك البعد عن أسباب المعصية، ودعاء الله تعالى أن يسر لك الزواج من فتاة تعفك، وكثرة التضرع له بذلك، وملئ وقتك بأعمال مفيدة ونافعة تملئ الوقت، مع مراقبة الله عز وجل، والانشغال بطاعته ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، وعليك مجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، وعليك بكثرة الصوم لقوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ففي الحديث حث للشباب المستطيع على الزواج، لأنه حصن ووقاية من الوقوع في المحرم، وفيه إرشاد لمن لم يستطع بعد تحمل نفقات النكاح ومؤنته أن يصوم ففيه وقاية للشاب من الوقوع في المعاصي، ويمكنك إن خشيت على نفسك الفاحشة الزواج بفتاة ذات مهر ومتطلبات قليلة، كبعض الأرامل أو الأيتام أو العوانس أو من حاله مثلهن، ولا أظنك تعدم واحدة من هؤلاء تعف بها نفسك، وأسأل الله أن ييسر أمرك ويفرج كربك.
ثم إن كنت صادقا في توبتك نادما على فعلتك حريصا على البعد عن كل فتاة أجنبية عنك، غاضا بصرك عن المحرمات، فاعلم أن الله يقبل التوب ويغفر الذنب، قال الله تعالى: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر: 53].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.