2017-02-17 • فتوى رقم 83553
سؤالي هو: حكم شخص تكرر حنثه كثيرًا، يعني يا شيخ هو يحلف أن يبتعد عن معصية وهي العادة السرية ثم يعود لها، وبعدها بمدة يعود للقسم مرة أخرى ويحنث، وتكرر معه الأمر كثيرًا، يا شيخ يحلف على تركها ثم يعود لها، مع علم أنه كفر عن بعض منها، ونفترض أنه حنث في 20 مرة وكفر عن نصفها، وهل النصف الآخر يلزمه كفارة واحدة أو 10 كفارات؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
قل له: إذا حلفت وحنثت ثم حلفت وحنثت، فعليك كفارات بعدد ما حلفت.
أما لو حلفت أيماناً متعددة على شيء واحد، ثم حنثت فيها بعد ذلك، فيكفيك كفارة واحدة، وكذلك لو حلفت ثم حنثت مرات متعددة دون تكرار الحلف.
وباب التوبة النصوح مفتوح لكل عاص، فيكفيك الندم والاستغفار والتصدق وعمل الصالحات، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70]. ، ثم إذا كان العبد راضياً عن توبته فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر: 53]
وأوصيك بعدم قطع الرجاء بالله، وأن تقرأ تفسير ما في القرآن من آيات مخوفة للمذنبين والعاصين، وما فيه من أخبار في ذم المعاصي ومدح التائبين، وما فيه من قصص الأنبياء والسلف الصالح، وكما أنصحك بالبحث عن أسباب المعصية ومعالجتها.
واجتهد أولا من منع النفس من المعاصي لكن إن وقع المسلم لا قدر الله في المعصية فليتبعها بتوبة صادقة نصوح، بالاستغفار والندم على المعصية والعزم الأكيد على عدم العود إليها، فبذلك يغفر الله له إن شاء الله تعالى، فإن عاد إلى المعصية فليعد إلى التوبة النصوح من جديد، روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فلا بد من التيقن بعد التوبة النصوح بأن الله تعالى غفر ومحا الذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.