2016-10-17 • فتوى رقم 81696
السلام عليكم
شيخنا الفاضل ما حكم من زنا بعدد من محارمه وهم أختين وبنت أخت وخالة؟ أعرف أنني لا أستحق الحياة، ولا أن أكون إنسانًا حتى، وأتمنا أن يقام عليَّ الحد، سؤالي: هل يقبلني الله رغم أفعالي؟ وهل أنا لازلت مسلمًا أو نقض إسلامي ولا أستطيع أن أتوب؟
أفيدني يا شيخ جزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
لا تيأس من رحمة الله وعفوه، والزنى من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنى منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
فما فعلته من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فعليك البعد عن أسباب المعصية، ودعاء الله تعالى أن يسر لك الزواج من فتاة تعفك، وكثرة التضرع له بذلك، وملئ وقتك بأعمال مفيدة ونافعة تملئ الوقت، مع مراقبة الله عز وجل، والانشغال بطاعته ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، وعليك مجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، وعليك بكثرة الصوم فعن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ". رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ففي الحديث حث للشباب المستطيع على الزواج، لأنه حصن ووقاية من الوقوع في المحرم، وفيه إرشاد لمن لم يستطع بعد تحمل نفقات النكاح ومؤنته أن يصوم ففيه وقاية للشاب من الوقوع في المعاصي، ويمكنك إن خشيت على نفسك الفاحشة الزواج بفتاة ذات مهر ومتطلبات قليلة، كبعض الأرامل أو الأيتام أو العوانس أو من حاله مثلهن، ولا أظنك تعدم واحدة من هؤلاء تعف بها نفسك، وأسأل الله أن ييسر أمرك ويفرج كربك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.