2016-10-17 • فتوى رقم 81689
أنا امرأة تعرفت على شاب وكنت أعتبره صديقًا إلى أن التقينا وقام بلمسي دون الزنا، وكنت أرفض الزنا فاعتذر مني وقال: إنه أخطأ ونادم فسامحته، وعدما التقينا مرة أخرى ولكنه أدخل قضيبه بي بالقوة، وحاولت الخلاص منه وتوسلته لكن دون جدوى، وقد كان يرتدي حينها واقيًا ذكريًا، وبالعلم أنه لم ينزل داخلي ولم أشعر بالمتعة بتاتًا لأني كنت خائفة وممانعة، وأنا أخاف الله وأخاف عواقب هذا الفعل، فماذا أفعل؟ وكيف أتوب؟ وما هو حكمي شرعًا؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الزنا من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنى منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
فما فعلتيه من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فسارعي إلى التوبة النصوح وابتعدي عن كل رجل أجنبي عنك وأطيلي الندم والاستغفار، واستري نفسك فلا تخبري بذلك أحدا أبدا، واطمئني بعد ذلك إلى غفران الله تعالى فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التعليق على قصة ماعز (الصحابي الكريم الذي أقرّ بالزنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقيم عليه الحدّ):
قال ابن حجر رحمه الله " ويؤخذ من قضيته: أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز. وأن مَن اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ، ولا يفضحه ، ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترته بثوبك لكان خيراً لك " ، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه ، فقال : أُحبُّ لمَن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر .
وفيه : أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ، ولا يخبر بها أحداً ويستتر بستر الله ، وإن اتفق أنه أخبر أحداً : فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر " انتهى من "فتح الباري" (12/124).
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.