2005-12-20 • فتوى رقم 750
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل على أن أتحتم لنا هذه الفرصة الطيبة لنكون على نور وبينة في أمرنا بسؤال أهل العلم والدين حول ما أشكل علينا..فبارك الله فيكم وفي جهودكم وجعل مساعيكم الطيبة هذه في موازين حسناتكم..آميــــن..
أستاذنا وشيخنا الفاضل..من باب الاجتماع على الخير والتواصي بالحق بدأت بأفكار في عدة منتديات أشارك فيها للتعاون في بلوغ ذلك، وتعتمد مثل هذه الأفكار على خلق جو من التحفيز بين رواد المنتديات في التعاون على الطاعات.
إحدى الأفكار تم تسميتها برحلة ختم القرآن خلال شهر، ويبدأ الموضوع بالتذكير بفضل قراءة القرآن ثم ينص على أن يسجل الأعضاء الراغبون بالمشاركة في هذا الموضوع أسماءهم في بداية كل شهر قمري ويبدأ كل واحد فيهم بقراءة القرآن بمعدل جزء كل يوم، وكل عدة أيام يضعون تعقيباً في الموضوع إلى أين وصلوا في الختمة، (والقصد من ذلك أن يكون في هذه المتابعة تحفيزً للبقية على عدم الفتور)، وعند نهاية الشهر نهنئ الأعضاء الذين أنهوا الختمة في موعدها المحدد ونجدد الاتفاق على المسير في ختمة الشهر القادم.
الموضوع الثاني الشبيه بهذا كان موضوعاً طرح في أحد المنتديات للتعاون على صيام الست من شوال، الموضوع ذكر في بدايته فضائل صيامها والأدلة على ذلك، وأيضاً ترغيب للأعضاء بالمشاركة، وفعلاً فقد سجل مجموعة أعضاء أسماءهم وتابعوا في الإخبار عن تواصلهم في الصيام حتى أتموا الست أيام، والعزيمة على أن يتابعوا في مخطط مماثل لصيام الثلاث البيض معاً من كل شهر.
الموضوع الثالث كان جدولاً للطاعات، تقسم فيه العبادات اليومية الأساسية في جدول ويوضع عند كل عبادة علامة، فمثلاً نقول أن صلاة الفجر على وقتها لها 5 نقاط، وصلاة الضحى 5 نقاط، وقراءة جزء من القرآن 5 نقاط وهكذا، ويكون التنافس أيضاً على تحصيل أعلى النقاط طبعاً دون الحاجة لأن يذكر العضو كم جمع نقاطاً في هذا اليوم أو ما إلى ذلك.
ما حصل منذ أيام قليلة أنه وصلني رسالة من أحد الإخوة في أحد تلك المنتديات يحذرني من طريقتنا ويقول لي أن علينا الحذر لأننا ربما نكون سبباً في إبطال أعمالنا تلك بتسلل الرياء إليها دون أن نشعر، وأنه أيضاً قد يضطر من وضعوا أسماءهم في قائمة المشاركين معنا إلى أن يتظاهروا بأنهم متابعون معنا وأنهم يقرؤون الجزء المحدد من القرآن أو يصومون الأيام ولكنهم حقيقة لا يقومون بذلك، أو ربما مع الوقت يفوتهم أن يجددوا نواياهم مخلصة لله فتصبح نواياهم دون أن يشعروا هي ألا ينحرجوا من التقصير في الموضوع الذي سجلوا فيه.
بصراحة أخافتني كثيراً فكرة الرياء التي تحدث عنها الأخ في رسالته، وفعلاً خشيت أن نكون فيما نفعله في المواضيع السابقة محبطين لأعمال إخواني وأعمالي فيما إذا كانت هذه الطريقة تقرب الرياء إلى نفس المشترك حتى دون أن يشعر على نفسه بذلك.
والآن بعد أن أوضحت الأفكار التي نتبعها في تلك المواضيع أطلب منكم شيخنا الفاضل النصح والرأي، هل ترون في أسلوبنا تقريباً للرياء إلينا؟ هل ترون في طريقة متابعتنا بمواضيعنا ما يخالف الشرع؟ هل هناك ملاحظات يمكننا إذا تبنيناها أن نحسن من عرض المواضيع بحيث يضمن الغايات منها دون أن يكون عليها أي غبار؟
أرجو أن تفيدونا في ذلك جزاكم الله كل خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
ما ذكرت من أن ذلك قد يكون طريقاً لدفع الناس على الكذب أو الرياء ليس سبباً أكيداً في كون ما تفعله ممنوعاُ، لأن ذلك بين العضو المشارك وبين ربه لا يطلع عليه أحد، ثم إنه إن كان من صفته الكذب والرياء فسيفعل ذلك ولو خارج كتابته في المنتدى، وإن لم يكن كذلك فسيمتنع هنا بالتالي عن ذلك.
ولماذا لا يكون هذا الفعل بمثابة التذكير بفعل الخير والحض عليه، وذلك من جهة الذي يطرح الموضوع، والتذكير بفعل الخير والحث عليه مطلوب شرعاً، ويكون أيضاً من جهة الذي يشارك بذكر ما أنجزه من أعمال و عبادات بمثابة تحدث بنعمة الله عليه وهي ما لم يقصد منها الرياء مطلوبة أيضاً شرعاً، ويكون بتحدثه بنعمة الله تعالى عليه أيضاً حافزاُ لغيره على إدراكه والتقدم عليه، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى أيضاً.
ويمكنك أيضاُ الاطلاع على هذا الحديث الشريف :
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟»، قال أبو بكر: أنا. قال: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ »، قال أبو بكر: أنا. قال: « فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ » قال أبو بكر: أنا. قال: « فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ » قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة ». [رواه مسلم].
ولكنني مع ذلك أرى أن لكلام من نبهك إلى خطورة ذلك محل معتبر أيضا، فذلك طريق مسهل للرياء وإحباط العمل، ولهذ أقترح أن تكتفوا في منتدياتكم بالتحفيز والتذكير دون المتابعة والتدقيق والمحاسبة.
وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.