2006-05-29 • فتوى رقم 5493
سيدي الفاضل: أعرض عليك مشكلتي آملة أن تساعدني.
أنا فتاة في العشرين من عمري، ملتزمة ومتعلمة ومن أسرة متدينة ومحافظة جدا.
أعيش مع والدتي وأختيّ، حيث إن والدي متوفي منذ أربع سنوات، و قبله أخي الوحيد بثلاث سنوات، وقد توفي بحادث أليم.
كنت ضحية مؤامرة حقيرة من صديقة خدعتني واستطاعت أن تاخذ صورة مني بغير علمي، وفاجأتني وقد تلاعبت بصورتي على برامج الكمبيوتر، ووضعت رأسي على جسد امرأة في وضع قذر جداً. وطلبت مني مبلغ 5000 آلاف وإلا سترسل الصورة إلى والدتي، وكانت تلك السافلة تعرف أن والدتي مصابة بـ هبّات تشنّجيّة في صدرها بسبب الحزن، وقالت لي بالحرف الواحد: "إن لم تدفعي المبلغ سأرسل الصورة إلى والدتك فتصاب بالجلطة وتموت كما مات أبوك وأخوك" .
إني أعترف بأني كنت ساذجة وأني لم أحسن التصرف من شدة خوفي على والدتي ومشاعرها، وكانت قد هددتني في اليوم الذي ذهينا فيه لزيارة خالتي . فدخلت كي أصلي في غرفة ابنة خالتي.. فرأيت إسوارتها وسلسالها وحلقها.. وفكرت في السرقة من باب أن الضرورات تبيح المحظورات. و قلت في نفسي: لن آخذ إلا السلسال لأن ثمنه يكفيني، مع أن المجوهرات كانت أمامي . و فكرت أني إن أخذت من بيت أهلي وسرقت فإن والدتي ستكشف أمري، فلجأت إلى السرقة من بيت خالتي، ونحن على علاقة طيبة جدا مع خالتي هذه، وهي أحب وأقرب الناس إلينا.
وسرقتي من بيت خالتي كانت لسبب: ألا وهو أني أستطيع أن أردّ ما سرقت لخالتي كهدية في المستقبل، أو بأي صورة أخرى, ودفعت المبلغ لتلك السافلة.
احتقرت نفسي كثيرا بعد فعلتي هذه إذ أن يدي لم تُمدّ إلى الحرام قبلاً.. وأنا متدينة جدا وأقوم بحفظ القرآن.
بعد فترة طلبت هذه السافلة مني مبلغًا آخر...
وأنا في خضم معاناتي..انكشف أمر سرقتي لبيت خالتي، فأنا لست محترفة سرقة، وكانت تصرفاتي المريبة في تلك الليلة في بيت خالتي تشير إلي.. حيث إني قمت بأخذ السلسال ثم أعدته إلى مكانه، ثم رجعت وأخذته. المهم أن خالتي أعلمت والدتي بالأمر, انصدمت والدتي.. ومجرد أن سألتني انفجرت باكية وأعلمتها بمشكلتي كاملة، والحمد لله أن والدتي إنسانة عاقلة متفهمة تثق بي وبتربيتي وتفهمت الموضوع واعتبرت ما حدث لي ولها ابتلاء من الله عز وجل، ووجهت إلىّ اللوم الشديد لأنني لم ألجأ إليها، وارتكبت ذنب السرقة وطلبت مني أن أستغفر الله وارتاحت نفسي، وظننت أنها نهاية المعاناة.
وضّحت والدتي لخالتي ما حدث وأعادت إليها ما أخذتً منها. و لكن للأسف لم تصدق خالتي وأصبح للموضوع ذيولاً أخرى تمس شرفي وسمعتي أنني بين أهلي وأقربائي بشخصية وبعيداً عنهم بشخصية أخرى, عندها أقسمت على المصحف الشريف أمام خالتي على طهارتي وعفتي واستقامتي. ولكن خالتي مصرة أن ما حدث لي لا يُبرر بأن أسرق من بيتها، وأنها فقدت الثقة بكل الفتيات بعد فعلتي.
وزاد هذا الشيء أنه لدي ابنة خالة تغار مني.. لأني مستقيمة وكانت دائما تقول لي: إن كنت أحببتً أحداً أو شيئاً ما .. وكنت أجاوبها بأني لا يمكن أن أخرج عن الشرع والدين.. فلما رأت ابنة خالتي موقفي.. أصبحت تحرّض أمها زيادةً علي.
حدثت مشاحنات بين أمي التي تدافع عن شرفي وبين خالتي التي تتهمني بأني أتعاطى المخدرات أو بأن الصورة حقيقية وليست مركبة. وانقلبت المحبة والمودة إلى عداوة وبغضاء.
سيدي الفاضل.. لجأت إليكم لتحكم بيننا، فأنا ضحية غدر وإفك وبهتان. وأعترف بغلطتي لأنني ارتكتبت ذنباً لأخرج من أزمتي وأعترف بغلطتي فأنا لم أصارح أمي منذ البداية بسبب خوفي الشديد عليها، ظناً مني أنني أستطيع إنهاء الأمر دون علمها.
سيدي الفاضل: أرجو أن أتلقى منك كلمة فصل بيننا وبين خالتي تعيد ولو جزءاً من المحبة التي كانت بيننا، وتعيد الصلة بين والدتي وخالتي التي كان يظن الأقرباء أنه لا يفرق بينهما إلا الموت.. خاصة وأني سأجعل خالتي تقرأ حروفكم الكريمة.
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه محنة من الله تعالى وابتلاء ابتلاك به، وما عليك إلا الصبر وتحمل مسؤولية الغلط الذي وقعت فيه بسبب هذه المرأة السيئة وبسبب السرقة، وعليك أن تصبري وتحاولي إصلاح الحال وأن تعذري من يشك فيك، فإن له سندا، واستقامتك في المستقبل هي الخل الوحيد، فتمسكي بها وزيدي طاعة لله تعالى وإيمانا به ودعاء له، وسوف تنتهي إلى خير إن شاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.