2006-05-26 • فتوى رقم 5389
السلام عليكم.
فضيلة الشيخ.
تعرفت على شاب على خلق والتزام كبير، وقد أحببت فيه تدينه وحسن خلقه، ورأيت فيه الزوج الصالح الذي يعينني على ديني ودنياي, وهو كذلك أحبني بصدق ورآني الزوجة الصالحة التي طالما دعا الله تعالى أن يرزقه بها.
تقدم لخطبتي ووافق الأهل، وكم كانت الفرحة كبيرة، لكنها سرعان ما تبددت، لأن أبي بعد الموافقة عاد ورفض، لأنه متعلق بي جداً، ولم يستطع تحمل فكرة ابتعادي عنه حتى لو كنت لدى زوج يحفظني ويرعاني، لأن الشاب من بلد آخر، لكنه قريب من بلدي.
واستمر الشاب يحاول سنة مع أبي، وأبي محتار في أمره، فهو يرى في الشاب زوجاً صالحاً لابنته، يأتمنه عليها، لكن مشاعر الأبوة والعاطفة تغلبه وتأبى أن يراني أرحل عنه.
وهكذا إلى أن كانت المحاولة الأخيرة ورفض أبي، ثم بدأ أهل الشاب بالضغط عليه كي يتركني، لكثرة ما طاله من عذاب، وأيضاً كي أفقد أنا الأمل في رجوعه إلي وألتفت إلى حياتي، وأمام شدة الضغوط خاصة من أمه التي يبرها جداً، استسلم ورأى أن ما حصل من رفض هو نتيجة استخارتنا لله تعالى، وحاولت أن أثنيه وأن نحاول مجدداً، لأني رأيت بعض اللين من أبي، لكن الشاب لم يقبل لأنه يخشى أن يظلمني في المستقبل حين يتذكر ما رآه من عذاب بسبب مواقف أبي، الذي لعب بمشاعر الشاب، فهو يقبل مرة ويرفض أخرى.
وبعدها تعاهدنا أن نكون إخوة في الله تعالى، يعين كل منا الآخر على تجاوز هذه المحنة، والله تعالى يشهد أنه لم يقصر معي في شيء، وكان يساندني ويحاول التخفيف عني بكل ما يستطيع، حتى لو كان ذلك على حساب عذابه هو، لكني حين فكرت ملياً رأيت أنني لا أستطيع أن أفكر فيه كأخ، وهو كان الحبيب والزوج الذي أتمنى، فقررت أن أخبره أن ننقطع عن بعضنا نهائياً، ويشهد الله أني ما فعلت هذا إلا في سبيل الله تعالى وإرضاء له، لأنه لن يقبل أن يكون بيننا أي كلام، حتى لو كان أخوياً، وفعلاً نفذت قراري وكان معي أنه الخيار الصحيح، وهو كان قد فكر فيه لكنه لم يستطع تنفيذه خشية علي من الصدمة، وترك الأمر إلى بعد حين فتكون نفسي قد هدأت.
وفي الساعات الأولى من انقطاعنا أحسست براحة أني قد فعلت شيئاً أبتغي فيه رضا ربي علي ورضا نفسي، ولكن سرعان ما عاد إلي الهم والحزن، أنا قانعة بقضاء الله وقد قررت الابتعاد عنه مرضاة لله تعالى، وأنا أرجو من الله تعالى ألا يضيعني لكن لا أستطيع منع نفسي من البكاء والحزن، ولا زلت أدعو الله تعالى أن يغير الأمور والأحوال، ونكون من نصيب بعض.
أرجو منكم أن تهدوني لشيءٍ أفعله كي أتصبر على آلامي، وفقدي لشاب عز مثيله في أيامنا، وخاصة إني متدينة في بيئة لا تقدر الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأول ما عليك فعله أن تشكي بثك وحزنك إلى الله تعالى، ثم عليك أن تكثري من صلاة الاستخارة، ودعاء الاستخارة بعدها، فإن من جملته: (واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)، والله تعالى هو الحكيم الذي يعلم ما يناسب الإنسان وما يصلح له أكثر من نفسه، ولكن لنا نحن مجرد الدعاء لله تعالى، ودون تعيين الشخص في الدعاء إلا للاستخارة، والله تعالى له وحده الاختيار بما يصلح الإنسان ويصلح له.
وأسأل الله تعالى أن يوجهكما ويسعدكما وأن يلهم والدك النظر إلى مصلحتك الآجلة وليس العاجلة فحسب، وأن نهاية كل بنت في بيت زوجها ولن تبقى صغيرة في بيت والدها، ولتجرى في كل حال الاستخارة في ذلك ويكون التصرف بعدها حسب ما يختاره الله تعالى مما ترتاح إليه النفس بعد الاستخارة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.