2006-04-19 • فتوى رقم 4715
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم ووالدي العزيز: حفظك الله وبارك الله فيك، ونفعنا الله بما تقول، وزادك الله من فضله، وأدخلك الفردوس الأعلى، تفطر عند سيد الخلق، وتتغدى عند وزيره الأول أبا بكر، وتتعشى مع الفاروق في قصره يا رب العالمين.
أما بعد: فسؤالي لك هذه المرة أستاذي الفاضل هو التالي: أنا كنت أعمل في المملكة العربية السعودية في منتجع سياحي، وبشكل عام فإن هذا المنتجع فيه بعض المنكرات، كوجود بركة سباحة مختلطة على سبيل المثال، و لكن لا يوجد خمور أو ما شابه ذلك، و كان طبيعة عملي في هذا المنتجع هو عمل برنامج للرسبشن ( قسم الاستقبال في هذا المنتجع)، وكنت المسؤول عن هذا البرنامج، وبعد فترة ست سنوات عشتها هناك، رجعت إلى بلدي الأردن، وعملت في شركة، وظيفة هذه الشركة هي التالي :
1. عمل برامج لأغلب الفنادق الخمس نجوم، و كما تعرف فإن الفنداق في الأردن لا تخلو من الخمور .
2. تعمل على بيع كمبيوترات للشركات والفنادق والوزارت ... الخ .
وطبيعة عملي في هذه الشركة على وجه الدقة: هو تنزيل برنامج للرسبشن في كافة فنادق الأردن الخمس نجوم والأربع نجوم وحتى الثلاثة نجوم أحياناً، وأغلب هذه الفنادق تحتوي على الخمور، و لكن أنا طبيعة عملي تتعلق بقسم الاستقبال فقط لدى الفندق، وراتبي كما تعلم آخذه من الشركة و ليس من الفندق .
الآن أنا في حيرة من أمري، أنا يا شيخي الفاضل متزوج ولدي بنت، وأنا مسؤول عن أسرتي الصغيرة المكونة مني وزوجتي وطفلتي الصغيرة، وأيضاً مسؤول عن عائلتي الكبيرة المكونة من أمي وإخوتي .... ولكن في هذه الشركة يبدو أنه غير مرغوب فيّ في قسمي، و عرض علي صديق آخر أن أنتقل للعمل معه في نفس الشركة التي أعمل بها ولكن في قسم آخر، وهذا القسم مسؤول عن تنزيل برامج لمطاعم الفندق، وبعض المطاعم الكبرى في عمان، وهذه المطاعم لا تخلو من الخمور .
والآن مشكلتي هي التالي: لقد تم الاتصال معي على أن أعود إلى عملي مرة أخرى في السعودية، أو أنتقل للعمل مع هذا الصديق المخلص في نفس الشركة، ولكن أترك قسم برامج الرسبشن وأنتقل للعمل في قسم برامج المطاعم .
فأنا أمام حيرة كبيرة يا شيخي العزيز، ولقد صليت صلاة الاستخارة، وأنا بحاجة ماسة للمال أولاً، وشهادتي لا تسمح لي أن أحصل على راتب مثل الراتب الذي آخذه هنا، علماً بأن راتبي هنا وفي السعودية نفس الشيء تقريباً ..
فلا أدري: هل أتوكل على الله وأرجع إلى السعودية وأبتعد عن عالم الفنادق والخمور ، وأبتعد أيضاً عن والدتي التي لو صارحتها بذلك لحزنت وتأثرت جداً جداً ، وخصوصاً بعدما فرحت كثيراً بعودتي، فأبي قد طلقها، وتجد فيني أنا الأخ والأب والزوج والصاحب وأنا كل أملها في هذه الدنيا .
أو أن أبقى بجانب أمي، وأنتقل للعمل مع صديقي في قسم المطاعم الذي أشرت إليه سابقاً ....
أنا لا أقول لك إلا أن تعتبرني ابنا من أبنائك، وتنصحني نصحية الوالد لابنه الصغير ....
فإنني أنتظر منك جواباً بفارغ الصبر، فلا تبخل علي بسرعة الرد يا والدي الكريم
ملاحظة : بإمكاني أن أترك عملي في هذه الشركة وأنتقل للعمل في شركة تخلو من الشبهات، ولكن الراتب لن يسد حاجات هاتين الأسرتين يا شيخي الكريم، وذلك لأنني لا أحمل شهادة جامعية أصلاً، فأرجو أن تأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار يا والدي العزيز، ولو ترك الأمر لي وكنت لوحدي لتركت الشركة من يوم غد، وعملت بأي شيء يسد رمقي، ولكنني بحاجة إلى المال ، ليس من أجل أن أشتري سيارة أو قصراً، ولكن من أجل أن أسد رمق هاتين العائلتين، وإذا حصل وانتقلت إلى شركة أخرى هنا في عمان وبراتب أقل، فإننا سوف نضطر كل شهر أن نستدين من العالم.
أعتذر جداً عن الإطالة والدي الغالي.
ابنك المحتار: عمر .
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فنصيحتي لك بأن تفتش فورا عن عمل لا شبهة فيه ولو كان براتب اقل وتظن أنه لا يكفيك، لأن الكافي هو الله تعالى، قال سبحانه: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) (الإسراء:31)، ومن ترك شيئا لله تعالىعوضه الله تعالى خيرا منه، ثم إن ف يالحلال بركة ليست في الحرام أو المشبوه.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.