2009-02-18 • فتوى رقم 36513
تحقق لي مبلغ معين من المال عند أحد الأشخاص (س) نتيجة عمل تجاري، وعندما تبين أن (س) يتهرب ويمتنع عن دفع المبلغ أعلمت أحد الأشخاص (ص) أنني سوف أتوجه لأحد كبار عائلة (س) للشكوى وضمان حقوقي، فقال لي (ص): أرجوك أن لا تذهب، فأنا لي أصدقاء مثل إخوة لي وأكثر من عائلة (س)، وأنا كنت قد أعلمتهم بالموضوع ووعدوني بأنهم سوف يعالجون الموضوع ويحصّلون المبلغ.
أخذت أتابع الموضوع مع (ص)، وفي أحد الأيام أبلغني (ص) أنه تم حل الموضوع، وأنه تم الاتفاق على إحضار قسم من المبلغ نقداً والباقي بشيكات وذلك غداً (في اليوم التالي).
لم أستلم لا المبلغ النقدي ولا الشيكات، لا في اليوم التالي ولا في الأيام اللاحقة، وكان (ص) يبلغني أن أصدقاءه استلموا المبلغ والشيكات، ولكنه مشغول عن الذهاب لاستلامهم.
وبعد بضعة أيام ألححت عليه بإحضار المبلغ والشيكات، فإذا به يسلمني نصف المبلغ النقدي المتفق عليه، وعند استفساري عن سبب ذلك أجاب : (أن هذا المبلغ من جيبي الخاص؛ لآن أصدقائي خائنين وكذبوا علي، واستلموا المبلغ وصرفوه)، فقلت لـ (ص): إنني سوف أتوجه لكبير عائلة (س) وأعرض عليه الموضوع، فمنعني ورجاني ألاّ أفعل، وتعهد بأنه هو المسؤول عن المبلغ، وتعهد بأن يدفع المبلغ منه شخصياً.
ومع مرور الوقت كنت أعرض على (ص) مرارا وتكرارا أنني لن أقبل أن ألاحقه وأطالبه هو بالمبلغ المستحق على (س)، وأن أتوجه لكبار عائلة (س)، إلا أنه في كل مرة يتعهد ويقسم بأنه سوف يسدد المبلغ كاملا منه، ويرجوني أن لا أتوجه لأحد.
وكان بيني وبين (ص) حساب تجاري خاص، وفي إحدى الجلسات معه وجدت أنه سجل في دفاتره مبالغ دفعها لي على أنها دفعات من (س)، أما أنا فكنت قد سجلتها على أنها دفعات من (ص)، ولمّا سألته قال: ليس بمهم كلّه علي، وأنا بدي أدفعه، وهذه أذني وهذه أذني.
وفي جلسة أخرى كررت عليه أنني سوف ألاحق (س)، وأنه غير معقول أن ألاحقه هو، وكيف لي أن أتصرف إن هو تخلف عن الدفع عن (س) أو تراجع، فكرر تعهده بالدفع وقال لي: لن أتراجع وهذه شيكاتي معك إن لم ألتزم استعملها ولن أضطرك لاستعمالها.
وبعد مرور فترة توقف عن الدفع، سواء عن الحساب الخاص به أو الخاص بـ (س)، وتكررت مطالبتي له دون جدوى وبماطلة واضحة منه، وساءت العلاقة بيننا، وبعد مرور أكثر من سنة قدّّّمت للمحكمة أحد شيكاته، وقيمته تساوي مجموع المستحق عليه وعلى (س)، فصدر أمر بحبسه فقدم شكوى ضدي موضوعها (إساءة ائتمان)، وأخذ يدعي بأنه لم يتعهد بدفع المستحق على (س)، وأنه ليس ملزم بذلك، كما أخذ يدعي بأنه سدّد ما عليه في الحساب الخاص به، وهذا غير صحيح.
ونتيجة تدخل أطراف وافقت على عدم حبسه، وتم تسديد ملفه في التنفيذ، كما أسقط هو الشكوى التي رفعها، على أن يتم حلّ الموضوع خارج المحكمة والنيابة برعاية المحامي الخاص بي و(وكيل النيابة)!
بعد عدّة جلسات قرر المجتمعون (بناء على رغبة ص) أنه إن أنا حلفت يمين آخذ المبلغ، فقلت: إذا كان اليمين عليّ حسب القاعدة الشرعية والقانونية المعروفة فأنا أحلف على صحة روايتي، وأنا صادق. ثم بعدها تقررون ما إذا كنت أستحق المبلغ أم لا، فرفضوا وأصرّوا على حلف يمين بصيغة يكتبها (ص)، وقد جاء فيه: (أقسم بالله العلي العظيم رب العرش العظيم غير ـ ـ ـ ولا حانث أن (ص) تعهد لي بأن يدفع لي المال المستحق لي بذمة (س) منه ، وأنني لا أعلم أن (ص) تدخل بيني وبين (س) كرجل إصلاح ومعيناً لي في تحصيل مالي من (س)، وأنني لم أسمع أن تعهدات (ص) بالدفع لي لم تكن بناء على وعود الآخرين).
وقد ناقشت المجتمعين بأن (ص) ربما يكون في البداية تدخل كمصلح، ولكن دوره اختلف وانقلب في مرحلة معينة، واستمر بعدها كمتعهد وملتزم، ففسّر المجتمعون ذلك شفهياً بأنه يدعي اليوم أنه تدخل وما زال كرجل إصلاح، وقالوا: إن لم تحلف اليمين فليس لك شيء.
وقد حلفت اليمين بالصيغة المذكورة أعلاه ( قام المحامي بتمزيق الورقة بعد حلف اليمين).
إنني أشعر بالضيق بعد حلف اليمين، وقد انقسم رجال الدين الذين طرحت عليهم المسألة قبل وبعد اليمين إلى فريقين (فريق يقول أن من حقي مطالبة (ص) بالمبلغ الذي تعهد بدفعه عن (س)، وأن حلفي لليمين أثاب عليه، وفريق آخر يقول أن التزام (ص) وتعهده لي هو معنوي، ولا يحق لي أخذ المستحق لي على (س) منه. وأن حلف اليمين بالصيغة المذكورة حرام).
وسؤالي:
1. هل أنا محق في مطالبة (ص) بالوفاء بعهوده بالدفع عن (س)؟
2. هل أخطات في حلف اليمين بصيغته المذكورة، وما حكم ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإذا ثبت أن هذا الرجل قد كفل لك المبلغ فعليه أن يسدده لك إن استطاع، ثم يرجع به على المدين الأساسي إن استطاع ذلك، وإذا أنكر الكفالة فعليك إثباتها بالبينة (شهادة رجلين أو رجل وامرأتين)إن استطعت، فإن عجزت فتحلفه اليمين، فإن حلف فلا حق لك عنده، وإذا امتنع عن حلف اليمين تلزمه بالكفالة والسداد.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.