2007-07-04 • فتوى رقم 17942
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد استأذنتني زوجتي لكي تذهب إلى مدينة أخرى من أجل الحصول على منحة دراسية تمنحها لها الكلية التي كانت تدرس فيها العام الماضي، حيث إنها توقفت عن الدراسة بالجامعة هذا العام بمحض إرادتها بعد أن خيرتُها بين إكمالها أو التوقف والتفرغ للقيام بشؤون الأسرة الصغيرة، حيث لم نرزق بعد بأولاد.
ولكنني لم آذن لها بالذهاب لأخذها، ومنعتها من ذلك لأنني لا أريدها أن تخرج من البيت -حيث سيستغرق سفرها هذا ثلاثة أيام على أقل تقدير- حتى أعود من عملي، حيث أعمل مدرسا في قرية نائية وأغيب لمدة حوالي عشرين يوما شهريا، وقد كنت سمحت لها بالذهاب لأخذ منحتين قبلها -حيث تمنح الجامعة لطلبتها ثلاث منح سنويا-، وكان يفترض أن تأخذ زوجتي منحتها هذه العام الماضي، إلا أن إدارة الكلية لم تمنحها إياها، وكنت أنا من ينفق عليها في الدراسة الجامعية العام كله؛ ورغم عدم رغبة زوجتي في إكمال الدراسة هذا العام إلا أنها سجلت نفسها في لوائح الطلبة الذين يريدون الدراسة هذا العام، وذلك فقط من أجل الحصول على المنحة الدراسية إن تم اختيارها ضمن المستفيدين منها، وكذلك كان.
وقد منعتها من الذهاب لأخذ هذه المنحة بالذات؛ لأنني للتو أرجعتها من طلاق رجعي كنت قد أوقعته في حقها، ولا زلت غاضبا منها ومن الأكاذيب التي روجتها عني في الفترة ما بين الطلاق والرجعة، وكذلك لأنها كانت تمن علي ببعض الملابس التي اشترتها لي بمال المنحتين التين أذنت لها بالحصول عليهما، ولم تترك مجمعا إلا وقالت فيه أنها كانت تشتري لي الملابس التي ألبسها، حتى حولت نفسها أنها هي المنفق وأنا المنفق عليه.
لهذين السببن منعتها من الذهاب لأخذها، ولكنها ذهبت رغما عني، وهي تعلم علم اليقين أنني سأستشيط غضبا إذا علمتُ أنها سافرت لذلك بغير رضاي، ولكي تلبس فعلتها هذه لبوسا شرعيا ذهبت تستشير أحد الفقهاء الموجودين بمدينتنا، وهو صديق لي، فطرحتْ عليه السؤال بصيغة أنني أمنعها من أخذ حقها، فما كان منه إلا أن أجابها -كما قال لي هو لاحقا- بأنه لا يحق لي منعها من أخذ حقها حتى لو كانت غنية عنه ولا حاجة لها به، فذهبت قريرة العين لسفرها ذاك..
ولما عدت من عملي ووجدت أنها قد سافرت ثم عادت غضبت غضبا شديدا جدا، ولولا أن الله من علي بنعمة الحلم وعدم الضرب لحظة الغضب لكنت ارتكبت في حقها جريمة ما، وقد حدث هذا منذ أكثر من شهر، ولكنني لا زلت منزعجا من فعلتها هذه.
وقد التقيت مع هذا الفقيه، ولما سمع مني قال بأنه أجابها بشكل عام، وعلى أساس أنه حق من حقوقها، ولم يعرف أنني سأغضب لهذه الدرجة، وإلا كان نصحها بعدم الذهاب رعاية لمصلحة الأسرة، ولكنه أيضا قال لي بأنني أخطأت بأن منعتها من حقها ذاك، وليس لي الحق أن أمنعها من الحصول عليه حتى لو لم تكن في حاجة إليه.
السؤال الأول: هل ذلك المال الذي تذهب زوجتي لأخذه حق لها حتى لو لم تعد في حاجة إليه، مع العلم أنه يقال بأنه إذا لم يستفد منه أي طالب فإنه يذهب إلى جيوب البعض؟
السؤال الآخر: هل أخطأتُ عندما منعت زوجتي من الذهاب لأخذ هذه المنحة على فرض أنها حلال لها، وما رأيكم في تبرير ذلك الفقيه؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فللزوج أن يمنع زوجته من الخروج من المنزل لغير حاجة ماسة إن كان له أسباب تبرر ذلك، وليس للزوجة أن تخرج من منزلها بدون إذن زوجها لغير ضرورة ماسة، فإن خرجت دون إذنه لغير ضرورة أو حاجة ماسة فهي ناشز شرعاً وآثمة حتى ترجع.
فكان على الزوجة أن تلتزم بما طلب منها زوجها، خصوصاً وأنه لا يحل للمرأة السفر مسافة /85/ كم فأكثر بدون زوجٍ أو محرمٍ، أما ما دون ذلك فيجوز بشرط التحقق من أمن الطريق.
وبعض متأخري المالكية أجازوا السفر بدون محرم بشرط الرفقة المأمونة، والراجح عندي مذهب الجمهور.
والأن على الزوجة أن تلزم بما يأمرها زوجها به، فلا تخرج من بيت زوجها دون إذنه، وأرشد الزوج إلى أن يسامح الزوجة فيما كان منها سابقأ، فخير الزوجين من يسامح أكثر لا من يحاسب.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.